كل منا يحب أن تبقى في ذاكرته أجمل المواقف، وأغرب الأحداث، وكم نرجوا أن نفقد الألم بكل أحواله، من قلب بانكوك، من هذه الذاكرة الحاضرة الآن، من بين أجمل الأماكن وأجمل القلوب أدون ذكراي العميقة لأستحضرها غدا، كم أخاف من ذاكرتي، تسعفني متى شائت فقط، تتحكم بي في كثير من المواقف، لكنني قررت أن أتحكم بها مطلقا، لقد اتفقت مع قلمي أن نتحالف مع النسيان في تلك المواقف التي لن نحبها فقط، وأتفقت معه أيضا أن نطير بعيدا حيث ذلك النور ونحلق مع أعمق ما تخبئه لنا الحياة، لنتعرف على ذلك الشعاع الذي طالما هربنا منه.
هذه الحالة النادرة من العمق، بهذه الحالة تعلمت كم علي أن أعتمد عليَّ، إنني أهل للثقة والقوة والجمال والأمل، ما أحلا أن نعرف أنفسنا في لحظات كهذه، في أوقات السكينة التي تطرزها الروح، حينها فقط تتوالى الفرص، فرص الحياة، ومن هنا علينا الإختيار بحكمة، هذه الحكمة أيضا التي تريد الكثير من الرضى.. ماذا علي أن أختار الآن؟
لقد تحدثت مع الفجر طويلا.. وتعمقت في لون الأشجار في جوف العتمة، إنها تخفي ألوانها عني في أوقات الليل، تخفي ألوانها كي أحدق بها بشكل آخر، كي أتخيل ألوانها الأشد عتمة من الليل وهي تحتفل مع الرياح في صخب الهزيج وضحكات الحفيف الخافتة، لكنني رأيت بوضوح وعرفت تماما لماذا علينا أن نسكن في أوقات الليل، ذلك لأن الليل له خصوصيته المتوافقة مع الكون، يحبنا أن نتأمله بصمت، بصمت فقط.