ضَع رأسَك فى صُندوق لا سَقفَ له ، و اغلقهُ بإحكام ..
امشِ قليلاً بِلا رأس ! ..
لا تقلق ، لن تفقد حواسك .. فقط ستفقد اتصالك بالعالَم الخارجى قليلاً ، ولكنك حتماً سترى و تسمع و تشعُر و تُفكر ..
القلبُ جبارٌ يا صديق ! ، يعقِل أكثر من دماغك نفسها ..
كُل ما سيحدُث انك ستتخلى عن الناس قليلاً .. ستفقد وصالهم .. ولكن شِئتَ أم أبيت ستتصل مع نفسك .
..
ستبدأ الرؤية بالوضوح شيئاً فشيئا ، قد يستغرق الأمر منك دهراً ، فقط لأن ذاك القلبُ المسكين مرّت عليهِ حيواتٌ دون أن يعمل ..
ها أنت تَرى نفسَك التائهة .. نفسَكَ التى هربت منك حينَ كُنتَ طِفلاً و لم تَعُد !
حِينَ تراها .. ستتسع حدقتا عين قلبك و تبدأ أُذُناه بالعمل من جديد .. تعلو الأصوات شيئاً فشيئا ، بعدَ فترة من الزمن و أخيراً ها قد استطعت تمييز الحروف ، ..

حُروفُ اسمك ! حُروُف اسمك تُنطَقُ بصَوتٍ اعتراهُ الألمُ و الأملُ فى آنٍ واحِد !!
إنَّهُ طفلك يُناجيك .. أين ذهبتَ و تركته . لِمَ لَم تُفكر فى البحث عنه ؟ هه ؟ ..
تراه ، تسمعه ،تشعُر بِه ، تجرى إليه ، تَحمِله ، تُهدهِده ..
ها قد استيقظت كُل خلاياك النائمة .. ها أنتَ استعدت طِفلك من جديد !
هنيئاً لَك ..
تتساءَل فى ذُهُول .. ماذا علىَّ أن أفعل !!؟
هَوِّن عليكَ يا صَديق .. إحمل طِفلك بلُطف و ضَعهُ فى قلبك ، ثُم افتح يداهُ الصغيرتان و ضَع فى إحديهما مِفتاحَك .. ابتسِم فى وجه كثيراً .. و اقطع على نفسك عهداً بأن تُبقِى صغيرك بداخِلك إلى ان تصعد روحيكُما للسماء !
..
أما الآن .. اذهَب و استَعِد رأسك .