دَائِرَةُ الرَّفْض ...
"بين النَّبض والنَّبض"
نشر في 29 يوليوز 2023 وآخر تعديل بتاريخ 31 يوليوز 2023 .
كل مافي حياتنا تقديرٌ إلهيّ قد غيَّر مجرى الأحداث لأجلنا، نعتمد على صدق باطننا وإخلاص نيَّتنا، على سلامة ضمائرنا وحقيقة سرائرنا، إلى أن نجد أنفسنا مقيَّدين داخل دائرة الرَّفض؛ نرفض التَّعبير والتَّزمت والتّجديد والنّقاش والازدحام، نرفض الأشخاص والتَّنازل والحبَّ والأماكن والكلام، نستنكر صدى رغباتنا ونقرِّر بإرادتنا أن نخسر؛ أن نسامح مجازر هزائمنا وننعزل ريثما نلتقط أنفاسنا اللَّاهثة، أن نعيش انكساراتنا وخيباتنا لنُضمِّد تمزُّقنا يومًا بعد يومٍ دون حاجةٍ للتَّخدير، وما بين النَّبض والنَّبض .. نسامح خريفنا إلى أن يحلَّ الشّتاء، نرتِّب صيفنا حتّى يُقبِل الرَّبيع، ندخل ردهة التَّعافي ليصنع أنيننا منَّا جبلاً شاهقًا شديد الوعورة، لا نسمح بصعوده إلَّا لمن قدَّس ذواتنا، في الحقيقة .. لابدَّ لنا في الحياة من دخول صومعةٍ بقاعٍ عميق لاتّخاذ مساراتنا الممتدّة على سكك الزمن المجهول، ننظر بعين العقل لنرى أنفسنا أسرى بين ذكرياتٍ وأقدار، نحوِّل نظرنا لعين القلب لنفرَّ من أشدِّ لحظاتنا رفضًا .. نجدنا تائهين في متاهاتنا المشوَّهة، فلا حاضرَ يرأف، ولا مستقبلَ ينتظر.
أعلمُ يقينًا معنى أن تصمتَ طويلاً و تبتلع الكلام لتبدوا قاسيًا، وكل مافي الأمر أنَّك تُمرِّن نفسكَ على أن تكون ملاذكَ الآمن، تُحَدِّث نفسك ويخطر في بالك سؤال مفاده أين اللُّجوء إن غدر بك المسير !
نعم .. تريد أن تنام، أن تغفو خرائط ذهنك الدَّامية، أن تغفو خيباتك وبكاءك وصيحاتك ونواح صدرك، أن يرقد صداعك ومخاضك واستيائك ويهدأ تسارع خفقان قلبك، لتستيقظ من جديد .. لا بدَّ لك أن تكون سيّد نفسك، واعيًا ومدركًا لما يجول في خلدك، عليك أن تسمح لرفضك أن يأخذ وقته الكافي ليحلَّ عقدة التّشافي الَّتي سكنت شباك أيَّامك، ذكِّر نفسك بقَدَرٍ مليئ بالرِّضا كلَّ مساء، سِحر كلماتك لذاتك بحدِّ ذاته شفاء، عوِّد لسانك على ذبذبات الودِّ، اعفوا عن الحياة وتصالح مع أخطاءك، اغفر للأيام وتجاوز عثراتك، خاطب مرآتكَ قائلاً : أحبك سعيدًا وبائسًا، حزينًا وضاحكًا، أحبك في تقلباتك وخياراتك ومزاجيتك، سأبقى داعمًا مهما كان حالك.
من الفطرة أن يختلَّ توازنك و يضمحل تماسكك لبرهةٍ من الزّمن، فالحديد يصدأ،والجدران تتشقق، والأجساد تفنى، والأحجار تتكسر، فما ظنّك ببشريّ تجتمع فيه أفكارٌ ومشاعر، إنَّ أكبر شجاعةٍ للإنسان أن يضبط نفسه، لا مانع من السُقوط حين يتبعه نجاح، ولا مانع من انطفاء الرُّوح حين تسطع بعدها من جديد، لكن!.. لتكن استراحتك مؤقتة، فالحياة تحت ضيقٍ دائم تخلق منك شخصًا آخر لا يشبهك، وإنَّ للرِّضا بالقضاء والقدر دورًا أشمل من جميع المفاهيم، يضمُّ أشلائك وما تستدعيه الحياة لتعبرها بسلام .
ليس هناك ما يدعو للقلق، إنَّها مجرَّد عوائق لبعض الوقت، لا بأس .. فنحن من خُلقنا من رَحم الصَّلابة، نُقْدِم على الحياة ونحن نرتَعِد، لم نكن يومًا ذو ثباتٍ كاذب، فمهما أرهقتنا الدُّنيا وأتعبتنا دروبها، يبقى اللّه هو ملاذنا حين نختلي به عن الجميع .
-
Doaa koki"أحيانًا تَعْتَقِد بِأَنَّك تُرِيدُ أَنْ تَخْتَفِي ، وَلَكِن كُلّ ماتريده حَقًّا هُوَ أَنْ تَجد نَفْسك " ...
التعليقات
كما لا يوجد عدوا لدودا للانسان اكثر من نفسه