الشجرة الاصيلة
✍️محمد خلوقي
ان الشجرة المتجدرة في اعماق التربة الكريمة لا تبالي دائما بما جاورها من اشجار قد تشبهها شكلا او عمرا او حتى نوعا ، بل همها في زمن دورة الحياة ان تنجح ذاتيا - في ممانعة عوامل التعرية ، ومقاومة الجراثيم الضارة التي ما وجدت الا لتحول دون ان تطرح مثيلاتها كل ثمار ناضجة ونافعة . وهذه الشجرة الاصيلة، صارت من الانواع النادرة، والعارفون يعلمون انها لا تتحدث باستمرار عن نوعها او تاريخها ولا عن جغرافيتها، أو عن غارسها و حارسها ، ولا يهمها من سيأكل ثمارها ليشكر او ينكر ، و لا تعبأ بمن يعبث بأغصانها نزوة ، ولا تكترث بمن يشعل شرارة النار في جذورها حسدا .. فالانقياء يعلمون علم اليقين ان اقدامها قد ساخت في عمقٍ فريد وآمن لن يصل اليه ، قُطاع الأغصان ، ولا المتهاتفون المتهافتون الطامعون في الحصول على لحسة من العسل المدفون.
إن هذه الكائنة الاصيلة النادرة ، تؤمن جازمة ان الخلود في النفع لا في الصفع ، في البناء لا الهدم ، في إشاعة الجمال لا القبح ، في تأصيل الفضيلة لا الرذيلة ، وتعرف ان قدَرها ووجودها كبقية الاشجار محدود ، وان عمرها معدود ، وان أغصانها مهما تعالت وتسامقت لابد وان تصير في يوم من الايام الى نكوص ثم زوال .. وفي الان نفسه تؤمن ببقائها المعنوي ، من خلال وفاء وإخلاص ذاك الآكل من غلاتها ، بحب وصدق وعشق ، لا عن طمع وجشع ، فيحقق بذلك النفع والانتفاع لنفسه وغيره ،
فذاك الآكل الوفي هو الذي سيحمل جينات استمرارية الشجرة ، حتى بعد رحيلها وفنائها المادي .
✍️محمد خلوقي
التعليقات
دام إبداعك، مودتي⚘