دائماً ما كانت «الأنظمة» تستخدم «المثقفين» للترويج لأعمالها ومشروعاتها(هذا إن افترضنا أن هذا النظام يمتلك مشروع بالفعل)، ولكن فى الماضي كانت هناك أنظمة «عاقلة» ومثقفين «موهبين» قادرين على الحفاظ على الحد الأدنى من «الاحترام» والمعقولية فى «الطرح» و فى مستوى التدنى والنفاق.
أما اليوم فأدوات السلطة التى أوكل لها النظام استخدام الفن والثقافة للترويج والتهليل غير خبيرة أو متمرسة فى فن «صناعة الحلم» ، وترتب على ذلك أنها قامت «بحرق» رجالها من «الأرزقية» الذين يظهرون ويطلون علينا من شاشات الفضائيات أو يتحدثون لنا من ميكروفونات الإذاعات أو يكتبون فى الصحف والمجلات.
بالإضافة إلى ذلك فإن أدوات السلطة عندما اختارت ، قررت استخدام «أردئ بضاعة» موجودة فى السوق ، وغالباً أغلبهم كانوا يعملون مع تلك الأجهزة المختلفة فى «كتابة التقارير» ، و«ميزة» هؤلاء بالنسبة للأجهزة أنهم «لا يعترضون» أو «يناقشون» التعليمات الموجهه لهم من الأعلى ، فكل منهم يعرف حدوده ، ويعرف أنه «عروسة مسرح» يحركها من يمسك بخيوط اللعبة من أعلى.
ومن ثم فإن المشهد الإعلامى والثقافى فى مصر اليوم تحول من عالم «الإعلام» الذى كان يقوده "هيكل" فى يوم من الأيام إلى «تجارة الإعلان» التى يرأسها ويوجهها رجب و شعبان ورمضان وشوال!!
وطغى «التصفيق» على «التثقيف» فأصبحنا كما كباريهات شارع الهرم يسودها ويحركها ايقاع الطبلة والمزمار لأن الهدف الرقص على واحدة ونص!!
او كما قال شاعر مبدع كأحمد فؤاد نجم:
[واللحم لما اتكشف .. غطى على اللى اتقال
لا سمعنا صوت فى النغم .. ولا شعر فى الموال
خنقوا الكلام فى الغُنى .. والرنة فى الخلخال].
و من ثم أصبح الواقع اليوم يشبه الفن السوريالى لوحة عليها مزيج وخليط من ألوان ولكن ينقصها التناسق ويعوزها الذوق ويختفى منها معالم الفهم.
ولعل المشهد الإعلامى والثقافى اليوم ينطبق عليه ما قاله أحد الأدباء اليمنيين فى عهد الإمامة ، عندما سُأل عن:
نوع الادب فى اليمن؟
فأجاب الرجل:
[فى اليمن لا يوجد أدب بل أدبان ،
- أدب فى مدح الإمام ..
- وأدب فى رجاء عفوه ..
وهذا كل شئ فى اليمن!!].
وفى النهاية عزيزى القارئ لا تملك إلا أن تبتسم ، لأنك فى الجمهورية الجديدة !