بلاء من الابتلاءات التي انتشرت في الامة خصوصا المراهقين منها وهو وباء قد يؤدي الى نسب انتحارية، من منا لم يختبره وهو يتدبر أمره بالعيش على هذا الكوكب فترة من الزمن، قد يكون طفيفا على شكل ندم أو عظيما على شكل حداد أو خسارة شخص أو شيء ثمين في حياتنا.

بالنسبة لسلم الوعي لدى هاوكينز فهو يتجلى عند مستويات الطاقة الدنيا (العار-الشعور بالذنب-اللامبالاة-الأسى-الحزن-الرغبة والحرمان-الغضب ثم الفخر والغرور) من خلال عواطف كراهية الذات واتهامها، القنوط واليأس حيث تكون النظرة للعالم عبارة عن عالم المعاناة والخطيئة واليأس أما النضرة إلى الإله فتكون نظرة التجاهل وأنه عديم الإنصاف وغير مكثرت حيث يتم وصفه بالصفات البشرية السلبية، لكنهم عنه منفصلون.

عموما في حالة الاكتئاب هناك خوف من المستقبل وندم وحسرة على الماضي بالتالي عجز على الشعور بالفرح والامتنان في الحاضر والكثير منا يفترض أن هذا هو قدر البشر ونصيبهم في الحياة وأن أقصى ما يمكن فعله التبسم وامتصاص الجراح وقد اغتنم بعض الفلاسفة فرصة وجود أسلوب الحياة السلبي والمتشائم هذا وأسسوا أنظمة متكاملة من العدمية، وما هؤلاء الفلاسفة الذين أصبح عددا منهم مشهورا مع مرور الزمن إلا ضحايا الألم النفسي الذي لم يتعاملوا معه فأثار عندهم عقلنة لا منتهية. وأيضا من في حالة الاكتئاب هناك اعتقاد بأن مصدر السعادة هو شيء بالخارج فمثلا عندما أحصل على تلك الشقة، السيارة، وذاك المنصب... سأخرج من هذه الحالة وهذا لن يتحقق ما دام أننا علقنا مصدر السعادة خارج أنفسنا فعلى المستوى الروحي فنحن منفصلون عن الإله، بينما عاطفيا فنحن نعطي أهمية لشيء خارج أنفسنا لجلب سعادتنا، أما بدنيا فهناك تغيير وخسارة في الناقلات العصبية وكمياء الدماغ.

لذا إذا تحملنا المسؤولية وقلنا أن الطريقة التي كنا ننظر بها إلى هذا الأمر هي التي هيأتني لهذا الإكتئاب وخيبة الأمل في حين أن الشجاعة هي النظر في ذلك والإستعداد للإعتراف بالحقيقة دونما مقاومة، نقول حسنا لا بأس إن كان ذلك ما يتم تعليمه للناس في هذا العالم فقد نشأت فيه لكنني عازم على النظر فيه بطريقة مختلفة, يقول المحلل النفسي كارل يونغ بأنه (يوجد جانب بأنفسنا في اللاوعي يسمى "الظل" و هو عبارة عن كل اعتقاداتنا وأفكارنا و مشاعرنا ومفاهيمنا المكبوتة التي لا نريد مواجهتها و يشير أيضا أن أحد فوائد الازمات أنها غالبا ما تجعلنا نتعرف على ظلنا و فهم أنفسنا و إنسانيتنا.)

يستطيع المرء أن يعالج من الاكتئاب بالعقاقير على المستوى الجسدي لكن إذا لم يغير من الطريقة التي ينظر بها إلى العالم والطريقة التي يحكم بها على حقيقته ستبقى نقط ضعفه نفسها وبالتالي الرجوع إليه مرة أخرى، كم من الوقت يتطلب الخروج من الاكتئاب؟ إنه يتطلب فقط الزمن الذي تطلبه أنت كي تصبح مستعدا للنظر في حقيقة ما حصل وقبوله وأنك أنت مصدر سعادتك ولن تتنازل عنها إلى العالم بعد الآن وبالتالي تحقق الشفاء الذاتي بالاستعداد لمحبة ومسامحة نفسك والنظر في نقاط ضعفك وتسميتها إنسانيتنا، إنها القدرة على أن نحب بشريتنا بضعفها وأخطائها كي نرى أن داخل هذه الإنسانية هناك براءة فطرية وجوهرية يجب استحضارها فقط،

حتى ولو قال من يقرأ كتابتي هذه المتواضعة " أنا لا أؤمن بكلمة واحدة من هذا " فمن أين أتت هذه العبارة؟ أتت من نظام اعتقاد آخر قبلته براءته دون تفكير، من المهم أن نبقي في بالنا على الدوام أنه أيا كان ما قبلناه فهو بسبب جمال ما نحن عليه لقد قبلناه دون تفكير نتيجة حبنا وثقتنا ونزاهتنا.

وكما أشرت أن مصدر السعادة دائما هو بداخلنا من حيث المكان أما الزمان فهو الآن "حالا" في هذه اللحظة لأن الذات (حسب هاوكينز) تنتقل من الكمال إلى الكمال أما الأنا فتنتقل من عدم الكمال إلى الكمال فهي تتوقع الكمال والرضا في المستقبل أي عندما يتم تحقيق رغبة ما. من هنا تمت مناقشتي لمرض الاكتئاب على المستوى الروحي والعاطفي أما الجانب الجسدي فقد أكدت دراسات علمية على أن جميع مصابي الاكتئاب يعانون من نقص مادة السيروتونين في الدم وبالتالي في الدماغ، أما زيادتها لسبب ما كالمخدرات إكستا, س س د أو ما شابه فتؤدي إلى هلوسة، زيادة في درجة حرارة الجسم، ارتفاع دقات القلب، فقدان التوازن، انقباض في عضلات الجسم أو التقيؤ أحيانا.

• السيروتونين أو هرمون السعادة اسمه العلمي هيدروكسي التر بتامين وهو عبارة عن ناقل عصبي أحادي الأمين ينتج في خلايا الكرومافينية في الجهاز الهضمي والعصبي وهو المسؤول عن نقل الرسائل إلى الدماغ وتحفيزه على أداء مهامه.

• أمثلة للرفع من السيروتونين طبيعيا: الرياضة، الشكولاتة، الفلفل الحار، التخلص من الأفكار السلبية.

• أسباب نقصه: سوء التغذية نضام غير متكامل، نقص فيتامين د، التعب والارهاق، عدم ممارسة الرياضة، تناول الكافيين بشكل مفرط، مشاهدة الأفلام الإباحية.

• بعض أعراض نقصه: اضطراب النوم والحالة المزاجية، القلق والخوف، زيادة الوزن، الصداع النصفي، فقدان القدرة على التركيز وضعف شديد في الذاكرة.

بقلم محمد حميدي 27.08.2018

والله ولي التوفيق