خديعة الشغف كيف يؤمن الآخرون بالشغف دون حقيقة تؤكده؟
كيف يؤمن الآخرون بالشغف دون حقيقة تؤكده؟
نشر في 02 فبراير 2023 .
الكثير من الالسنة حولنا تردد "اتبع شغفك" ، في بدايتي في الحياة الجامعية ترددت في اتخاذ القرارات المصيرية، أصبت في القليل واخطأت في العديد بسبب خديعة الشغف التي كنت فيها ، فالجميع أسرى لخديعة الشغف ، نحن لا نولد بشغفنا، هو حُب نكتشفه بالتجارب، خبرات نعيشها فنعشق ما نفعل، "شغفك ليس شيء انت تتبعه بل هو شيء سيتبعك اذا عملت بجد لتضيف قيمة للعالم،اذن اعمل وسيظهر شغفك الحقيقي"، يمضي الكثير من الوقت في البحث عن سراب الشغف، الشغف هي الكلمة التي استخدمت بطريقة خاطئة اذ ان قناعتنا التامة بعبارة اتبع شغفك كما يقول العديد من الأشخاص في هذا العالم الواسع من ذوي التنمية البشرية والمحفزين ، نجد انه هو منطقة آمنة خلقها العقل لكي نعيش فيها أحلام اليقظة على امل ان تتحقق بدون جهد اوعمل ، عقلية يعيش فيها غالبية الناس يفترض فيها أن هناك شغف مسبق بدون ادنى مجهود وان سبب السعادة والرضا الذي نحن فيه هو رفضنا لأي شيء لا يتوافق مع شغفنا المسبق وهنا ندرك ان العقلية المختلفة او الخلاقة هي التي تقول الشغف ليس شيء تتبعه بل شيء يتبعك، وخرافة الشغف المسبق هي خاطئة وخطيرة أحيانا فالايمان التام بها يقود الى القلق واليأس مهما كانت اختصاصك واختصاص شغفك هذا ، فهي نادرا ما تنجح ودورها سلبي اذ انه نتطحم بسبب ان قناعتنا لا يتوافق مع اختصاصنا وانا نحن أكبر من الاختصاص هذا واعظم طموحا وابرز امكانيات ومن الموجز بسبب الصورة التي نحملهاعن الاختصاص المثالي الذي نستحقه اصبحنا غير راضيين عن حياتنا وبالتالي الجميع يتحطم اثر ذلك ويردد قول فقدت شغفي .
في السيرة الذاتية لستيف جوبز، مؤسس شركة أبل التي تقدر اليوم ب ٨٠٠ مليار دولار، يصف جوبز دخوله إلى عالم الحواسيب على أنه كان محض صدفة دفعته لها حاجته للمال. اهتمامات جوبز في ذلك الوقت كانت في الرقص والخط والتاريخ الغربي والديانات، التكنولوجيا لم تكن من اهتماماته، هو لم يدرسها ولَم يكن يعرف عنها شيئا. لكنه رأى فرصة في عالم الحواسيب الجديد أن ذاك، واغتنمها.
في عام ٢٠٠٥ وبعد نجاح شركة أبل، وقف جوبز على منصة الخريجين في جامعة ستانفورد وقال لهم: "أنا مقتنع أن الشيء الذي حفزني للاستمرار في عملي هو حبي له. عليكم أن تجدوا العمل الذي تحبون… عندما تحبون عملكم تبدعون فيه". قبل أشهر من إنشائه لشركة أبل، كان جوبز يقف حافي القدمين مع إحدى جماعات التنوير الروحاني في رحلة للبحث عن الذات. ستيف لم يجد ذاته في تلك الحلقة روحانية، بل رأى فرصة وبادر لاغتنامها.
سيرة جوبز وسير الناجحين تُظهر تلاحق الأحداث الحقيقي. جوبز لم يكن شغفه بعمل، ولكنه بعد أن عمل وأتقن عمله ونجح فيه، تولد عنده حب لعمله: الشغف. الشغف لا يولد معنا ثم يضيع عنا في زقاق ذاكرة الطفولة لنبدأ رحلة البحث عنه عندما يشتد عودنا. الشغف وليد العمل الناجح.
الشغف هو فقط صورة عقلية زائفة تتعلق بمدى خوفنا من التغيير، محاولة نقنع ذواتنا بأن هناك شيئا واحدا فقط نبدع فيه، لكن ما يحدث هو نوع من المناورة الغاية في الذكاء، كسل متنكر يحاول منعنا عن التقدم ونكمل العيش في أحلام اليقظة التي خلقناها.
حقيقة اهتمامنا بالشغف وبحثنا عنه هي ضرورة إشباع حاجاتنا النفسية الأساسية التي لا تُشبعها أعمالنا اليومية، كالحاجة لتحقيق الذات (فرديتنا وقيمتنا)، الحاجة للنمو، والحاجة للمساهمة في المجتمع (الانتماء). فإذا لم تُكف هذه الحاجات فإنها تترك مكانها فراغا يقتل ثقتنا بأنفسنا ويستنفذ طاقتنا بلا طائل. الشغف ليس إكسير السعادة والنجاح. إذا سمعت بعد اليوم أحدهم يقول لك "اتبع شغفك" فإنما هو قاصد: أبق حواسك مستعدة لالتقاط الفرص، ثم بادر لها، أعمل عليها، وثابر لأجلها، عندها تتقنها وتنجح بها ومن ثمة ستقع في حب مصدر نجاحك. هذا الحب الذي جاء أخيراً، هذا هو الشغف الذي يدفع الناس لمزيد من السعادة والنجاح.
-
ايه ابو مصلحوكنتُ أحلمُ بالحياةِ؛ وسادةً.. وُضِعَتْ لنحلم؛ وكنتُ أحلمُ بالصدى.. لغةَ الكلامِ؛ وكنتُ أحلمُ بالقصيدة.. شاعراً ينسى قضيّتَهُ ويكتبُ للالغياب؛ تكفيهِ كفٌ لللكتابةِ.