تعلم كيف لا تكتفي بنفسك؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تعلم كيف لا تكتفي بنفسك؟

  نشر في 05 ديسمبر 2020 .

خلقت الروح مرتبطة بروح أخرى، فوضع الله سنن كونية ليتعايش الجميع مع بعضهم البعض ويتكاتفون من أجل مصلحة إعمار هذه الأرض، فمنذ أن خلقوا وهم في سير واحد، يأخذ أحدهم ويعطي الآخر حتى تكتسب ثقة الإنسان بالإنسان ويكوّنون علاقات مع بعضهم البعض أيا يكن نوعها، فينهض الجميع بالجميع، تلك هي الفطرة الإنسانية، فمن احتياجات الإنسان الأساسية في هرم ماسلو الانتماء لمجموعة لذا يولد الفرد في أسرة وينتمي لها ومن ثم يتوسع وينتمي لمدرسته، للجيران، للأقرباء، والأصدقاء، وأخيرا لعالم الغرباء، ومن هنا تنطلق تجاربه الحقيقية في الحياة الجيدة والسيئة، ويتولد مع تكرار الخبرات والخيبات مفهوم العزلة وعدم الاهتمام لكلام الآخرين ومغالطات منطقية مثل "من يحبك لن ينتقدك" والاكتفاء بالذات وتحقيقها سعادة وغيرها من الاعتقادات الخاطئة ، وبات الأمر رصيد نفعي وقوة لك لأنك ناضج نتيجة مرورك بتجربة سيئة وتعميمك مثل هذه الأفكار، حتى وإن لم تتخذ مسؤولية في تخطيها ومعرفة الخلل والمضي لما بعدها.

إن حديث الآخرين وانتقاداتهم وأفكارهم غير المحببة إلينا هي جزء من ذواتنا وتصرفاتنا التي نبغضها في دواخلنا، ولكننا لا نملك الجرأة على التصريح بها لأنفسنا، فهي ثقيلة على أرواحنا، فبدلا من ذلك نوجه بأصابع الاتهام على الآخرين، ولذا لم ينجو أحد من لسان أحد، ولن ينجو إلا إن تسلح بالقوة الداخلية التي لا تجعله يغلق كل العلاقات ولا يفتحها على مصراعيها في الوقت نفسه.

نحن البشر لم نخلق وحيدون ولذا وجود الآخر ضرورة، والتنوع في الأفكار والاختيارات والاتجاهات من صالحنا، فلولا تقلب الليل والنهار لاختل توازن الإنسان ولانقلب كل اتزان في الكون يظهر لنا أنه طبيعي، بينما هو نعمة منّ الله بها على الإنسان، فكل شيء مسخر لخدمته حتى أخوه الإنسان الآخر، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"،فهذا التسخير والتنوع هي فرصة للتعرف على ذاتك من خلال الآخر، فكما أنت تحتاج لمرآة لتهندم مظهرك، وكذا الروح تحتاج الآخر لتتعلم منه، وتستند إليه، وتكتسب منه الحسن، وتنبذ السيء، وتتعلم كيف تتعامل مع النفس المعقدة حتى تقف على أرض صلبة متساوية معها، تعيش وتتعايش، ترحم وتتراحم، توصل وتتواصل، تفهم وتتفاهم، وتعمر الأرض كما ينبغي لها أن تفعل، وهذه حكمة من حكم الخالق في سر بقاء الإنسان الوجود المجتمعي الذي يشعرك بالاطمئنان، فالتخلي عن الآخر هي بمثابة التخلي عن ذاتك، وإن أردت أن تتجرد أو اضطررت لذلك فتجرد من آلامك، وخيباتك، بمعالجتها والتعامل معها، وإن فسد الأمر كله لن تصلح حتى نفسك، لنقف مع أنفسنا حد الجوع، لا نكتفي منها بتاتا، ولنبني علاقات مبنية وراسخة ولنجرب فقد لانصل حد الاكتفاء، لكننا سنحصل على أقل الخسائر من وصد الباب تماما.


  • 4

   نشر في 05 ديسمبر 2020 .

التعليقات

مقال مليء بالعمق و الحكمة!
2
Ereny Emad منذ 3 سنة
مقالك رائع واسلوبك بسيط..اشكرك لانك امتعتينى بقراءة هذا المقال الجميل♥️
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا