قصـــة الحيـــرة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قصـــة الحيـــرة

لحظات الضعف والجهل

  نشر في 03 نونبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

في إحدى القرى بريف مصر الجميل حيث كان الجميع يترقب ظهور نتيجة الثانوية العامة ، و ما أن ظهرت حتى حصل "خالد" على مجموع يمكنه من الالتحاق بكلية التجارة جامعة القاهرة ولأنه لم يكن يرنو إليها فقد حدثت له صدمة إثر تحطم حلم الالتحاق بكلية الهندسة و أصبح لديه أول حيرة فعلية فى حياته وتسائل : ماذا أفعل ؟ ! وبعد تردد كان القرار بمساعدة المقربين منه ، باستكمال الدراسة فى كلية التجارة والتخرج منها مع تحقيق تقديرات عليا للحصول على وظيفة مرموقة فى بنك مثلا ً ، وما أن بدأت الدراسة إذ بها تنتهى لتعلن عن نجاحه بمادة وهنا حدثت الحيرة مرة أخرى وكان السؤال ماذا أفعل هنا ؟ أ أبقى أم أرحل ؟ 


فى تلك اللحظة كان "حسام" قد تخرج لتوه من كلية الحقوق جامعة الاسكندرية وما أن قرر الالتحاق بالعمل الحقوقى حتى توقف إذ لم يجد شغفه في هذا المجال فهو تاجر بالفطرة وهنا قرر البحث عن حلمه والعمل بالتجارة و بمساعدة المقربين منه افتتح "حسام" متجرا للادوات المنزلية ، واستقرت الامور وزادت المكاسب وتعاقد "حسام" على كمية كبيرة من الأجهزة وضع فيها كل ما لديه من أموال ، وما أن حط أسطول السيارات واستلم بضاعته في المخازن حتى احترقت جميعها فرأى "حسام " حينها أن هذا إعلان له بإنتهاء حلم التجارة ووقع فى الحيرة وكان السؤال : ماذا أفعل ؟ أ أبقى وأُكمل حلمى أم أعود للمحاماة ؟

حين ذلك كان فى جنوب مصر  "سعد" عامل النظافة بإحدى مدراس محافظة قنا صباحا ً و عامل زراعى بعد ذلك ممتعض جداً وحزين لورود خبر قدوم طفل ثالث لأسرته المكونة من زوجة وطفلين والذى يكافح ويقاتل واستدان من أجل حياة كريمة لهم فآنى له بطفل ثالث ؟ فهذا إعلان له بقتال زائد من أجل زائر جديد للدنيا ولابد من حياة كريمة له أيضا ً وحدثت الحيرة وكان السؤال : ماذا أفعل ؟ وهل سأقدر ؟ 


فى الاسكندرية كان عم "حسين" يعانى من الوحدة بعد لحظات من لفظ زوجته التى عاش معها اربعين عاما من الحب أنفاسها الأخيرة إثر نزلة شعبية حادة . تلك التى كافحت معه طيلة أربعين سنة من أجل نجاحهم فى تربية أولادهم الخمسة الذين يشغلون الان مناصب مرموقة لكنهم مشغولين عن والدهم فكانت له زوجته وطن وكان لها كونا ً بأسره . وهنا خر على قدميه متسائلا : ماذا أفعل ؟ هل هناك حياة بعدها ؟ 


إن لحظات الحيرة بإختصار شديد ليست بذلك السوء لكن السوء كله فى تمكن الحيرة منا دون إتخاذ قرار حاسم لإنهائها والمضى قدماً . فذاك الذى احتار فى استكمال تعليمه كان يتجاهل ثلاث فرص متبقية لتعويض الخسارة ، و أما الذى خسر التجارة لم يدرك أن السبب نقص فى التأمين يمكن تداركه وليس نقص فى اجتهاده او نجاحه وبالتالى يمكن تدراكه . و أما الذى امتعض من ولده فهذا لم يدرك أن الخالق هو الرازق وأن الرازق رحيم  و عدل عادل فى جزاؤه وطالما أنه يسعى إذن هناك جزاء ، و عم حسين رغم خبرته فى الحياة إلا أنه للأسف وقع فى الحيرة بنظرة قاصرة على الدنيا ولم يتأمل فى حاله زوجته معه فى الاخرة إن شاء الله ولو فكر للحظة لأدرك ان الجمع بينهما قريب فقط يحتاج الى الصبر والرضا .

فى النهاية .. الحيرة لمسة ادراك .. والادراك بداية التغيير .. والتغيير ارادة .. والارادة تصميم والتزام .. والالتزام نجاح ..والنجاح حرية .. والحرية لا حيرة فيها .. 

                                                     فإياك أن تستسلم .

                                                                                                                   انتهى 


  • 4

   نشر في 03 نونبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
قصة جميلة ولغة سليمة ،سيقرؤ ما تكتب ولو بعد حين ،احب ما تكتب وسيحبه الجميع ،وكما قلت في مقالك اياك ان تستسلم ،بالتوفيق.
1
محمد عبدالعليم
شهادة أعتز بها منكم ووسام اضعه على صدرى ، تلك هى أول خطواتى فى الكتابة وتعليقكم سيجعلنى بعون الله أكمل المسير .. فكلماتكم تفرح القلب وتجبر النفس وتحفز العقل .. شكراً جزيلا ً
محمد عبدالعليم
حفظكم الله ووفقكم .. لكنكم أفضل مما تظنون أنفسكم . فأنا تعجبنى كتباتكم جدا ..
بسمة منذ 6 سنة
قصة ذات حكمة رائعة وبليغة ،
حقا كم نظرتنا لأمور الحياة قصيرة وغير موزونة .... دام قلمك ``
3
محمد عبدالعليم
جزاكم الله خيرا .فمنكم أتعلم وقلمكم الجميل هو الرائع والبليغ .. لكنى لا أخفيكم سراً أنى فرح جدا جدا بهذا التعليق اذ انه اول تعليق أتلقاه على مقالة لى .. حتى انى أخذت منه صورة حفظتها عندى .. فشكرا ً لمن شجعونا فى لحظة كدت ان افقد فيها الامل
محمد عبدالعليم
لكن هى قصص وليست قصة واحدة
بسمة
وجزاكم بالمثل ..
نعم اعلم انها مجموعة قصص ، لكنني اتحدث عن مضمون محتواك " ككل " ؛ لهذا قلت قصة ،
في إنتظار المزيد من إبداع قلمك ~

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا