ذَنبُنا..
ذنب "هُم"للغائب المنفصل المُتصل ،أم ذنب"نا" الحاضرين المُتهمين؟
نشر في 05 غشت 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
ذنبُنا أن علمونا أننا لا نتعلم إن لم نُخطئ ، وإن أخطأنا أشعرونا بأننا لن نتعلم ..؟
ذنبنا أننا نُنتقد كثيراً ، لأننا نختلف كثيراً ، وإن لم ننخرط في الحياة اليومية ، أُتهِمنا أننا زمن الأمراض النفسية..؟
ذنبنا أننا مجتمعٌ يخشى الذوبان ويقع دون أن يشعر فيما يخشاه ، فمواجهته للذوبان كانت بالتمسك بمعتقدات وخزعبلاتٍ فارغة لا علاقة لها بمسألة الذوبان ، فتركنا ما نخشى ذوبانه لأن يذوب ، وتمسكنا بما يجب تغييره.!
ذنبنا أن نرى كل شئ سيء يحدث على أنه عين حاسد ، ونسينا أن هناك قضاء وقدر ، وكأن القدر لا يجلب معه إلا الخير وحسب ..
ذنبنا أننا نرى أن تغييرنا وتقدمنا سيكون بتغيير حكوماتنا بشكلٍ جذريّ ، لكن ما فائدة أن تتغيّر ونحن في سباتنا غارقون ، نسوق شبابنا إلى المعارك و الجبهات بدلاً من التعليم ، ونود للحرب أن تخمد أوارها ، وكيف تخمد والمحاربون يتوافدون والأحزاب والجهات والأقسام تتعدد؟
ذنبنا أننا متهورون في الاختيار ثم سرعان ما ندرك أن الفرصة قد ولّت مُدبرة ، وكأن الحياة قد كانت قِصراً على فرصةٍ واحدة فحسب..!
ذنبنا أننا مفتونون بالمظاهر حتى الكتب يتم اختيارها انفتاناً بأسمائها ..
ذنبنا أننا نتبلد حين الحاجة إلى الذكاء ، ونترجل في حين أن الأمر يتطلب الرويّة والاتزان ، فنحن نخشى أن تضيع الفرصة الأخرى ، لكن ألم ننتبه أن ضياع الأولى كان بسبب التهور ؟
ذنبنا أن تتغيّر ملامحنا ، ويشوب التعكير صفو هدوءنا ، و نختار الصمت كلما داهمنا ماضٍ مؤلم ، في حين أن قدرنا المؤبد والمؤلم أننا أن لا و لن نستطيع نسيانه ..
ذنبنا أننا عالقون في زوبعةٍ من الأفكار ، شلّت نظرنا عن كل شيء سواها ، نعدل، نغير ، نستمع ، ثم نصمت و لا زالت تلك الأفكار توشوش دون أن تصمت ..
ذنبنا أننا نجرب ، وإن فشلنا أُتهمنا أننا عنيدون ولم نسمع النصيحة من البداية ، لكن من أخبرنا أن الحياة تجارب ؟
ذنبنا أننا نمل من التكرار ، و لا نعطي اللحظة الأخيرة أدنى اهتمام ، فإن تكرر شئ سئمناه ، وإن فقدنا البداية خسرنا الحماسة دون أدنى مواجهة للنهاية ،لأن مجتمعنا يرى البداية هيّ من تحمل فأل خير أو شر ..!
ذنبنا أننا دون ذنب ، ولنا مجتمعٌ خلق ذنوبنا ، أننا نتساءل عن مصير حياتنا ، وأجيالنا ، ثم سرعان ما نعود إلى حيث بدأنا ، إلى ذنبنا نحن ، ولحظتنا الراهنة فإن وجدنا سبيلاً لغفران ذنوبنا وعدم تكرارها كان ذلك خير بداية لجيلٍ قادم ...
ذنبنا أننا تغيرنا كثيراً ، فضحينا مقابل ذلك بالكثير ، ونتساءل بهدوء ، هل هو ذا ذنبنا؟ ، أم ذنب مجتمعٍ نعيشه ، قد لُطخنا بذنوبه دون ذنب ؟
لكن الحقيقة هي مزيج من ذنوب نحن سببها وأخرى كان سببها هم ، وبين ذنب "هم" للغائب وبين ذنب "نا" الفاعلين المُتهمين ، لا بدّ ألا نتّهم أحداً فالذنب سيبقى وسيحال نحونا ، ونقول وبكل رضوخ وكأنه وشم طُبع على جباهنا، إنه نتاج تغيُّرنا ذنبُنا ثم ذنبُنا ..
-
يسرى الصبيحيياريتَّا.
التعليقات
وفقك الله فى انتظار المزيد
مقال رائع...استمري وفقك الله ❤️
حقيقة اشغفتني حبا للكتابة كلما قرأت لك دمتي متألقة
اسف للاطالة كلماتك وافكارك جميلة ارجو لك التوفيق دائما .
فمرحى لك يا يسرى قدرتك اختيار مواضيع كبيرة وعلى جرأتك في تناولها وعلى لغتك السليمة ولسانك الفصيح، ستصبحين يوماً كاتبةً ذات شأن.
لا شيء أكثر لأعلق عليه حول هذه المقالة،شكراً لك على هذه الكلمات القوية الحكيمة.