قد تستغرب من الاسم لأنك لم تسمع كثيرًا من قبل عن ترشيد الحب، وإنما كل ما تسمعه بعد كلمة ترشيد هي أشياء مرتبطة دائمًا بالمادة، فتسمع عن ترشيد الكهرباء وترشيد المياه وغيرها، ولكن في الحقيقة ليس الموضوع موضوع مادة فحسب، إنما هو الشئ إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فكل شيء إذا زاد عن الحد أصبح عواقبه أكثر من نفعه، فلو تناولت الدواء بكمية أكبر من قدر ما نصحك به الطبيب فقد يسبب لك تسمم ويزيد الألم ولو وضعت ملح بكثرة في الطعام لفسد الطعام.
وهكذا الحب فقد تقول بينك وبين نفسك إن الحب شئ جميل وزيادته شئ أجمل والحياة بدون حب لا تتطاق، ولكن ما أقصده هو الغلو في الحب والزيادة عن المعدل الطبيعي الذي قد يصل إلى الشرك بالله أو عبودية دون الله، ومما يستوجب الذكر أن زيادة الغلو في الحب يزيد التنافر بين الأزواج، فلا تعطي كل الحب مرة واحدة فتعيش خاليًا دون عطاء، فيحدث الممل والروتين ولكن أعطى الحب على دفعات وكن متجددًا في حياتك، ولذلك كان اللقاء بعد الغياب له طعم آخر، فعليك بالتروي في الحب فقد تظهر لك الأيام ما كنت جاهلاً به، فضلاً عن إن التوسط والاعتدال مطلب شرعي ( خير الأمور الوسط ).
وفي الأثر أحبب حبيبك هونًا ما فعسى أن يكون بغيضك يومًا ما وأبغض بغيضك هونًا ما فعسى أن يكون حبيبك يومًا ما، فحتى عندما نكره نكره بعنف ونكون عاطفيين أكثر من اللازم فبعض الناس تكره بمجرد السماع دون التأكد وهذا خطر جسيم؛ لأنك من الممكن أن تظلم دون أن تفهم، وأسألك القصد في الغنى والفقر.
حتى حبك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زاد عن الحد لا يصح ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله )، فالإطراء هنا بمعنى الغلو في مدحه، أي لا تمدحوني بالباطل ولا تجاوزوا الحد المطلوب في مدحي كما فعلت النصارى مع عيسى فمدحوه حتى جعلوه إلهًا
وحث الإسلام على الاعتدال في كل شيء فقال الله تعالى ( ولا تبذر تبذيرًا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًا ).
في الطعام أمرنا بالثلث للطعام والثلث للشراب والثلث للنفس، وقال لا تسرفوا، فماذا لوعن الفارس الذي إذا أسرع بفرسه حتى أنهكه التعب فقد يتوقف الفرس على المسير ويفقد الفارس هدفه ويفقد فرسه.
فالرفق ما كان في شئ إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، وهذا هو ما أردت أن ألقي بنظرة عليه هو عدم الإسراف في شيء وعدم الغلو، وجعل شعارنا هو الوسطية في كل شيء حتى يديم الله لك ما تحب.
momenms@Gmail.com
https://www.facebook.com/pro.momenms