لماذا نحن بارعون في صنع الإله ؟؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا نحن بارعون في صنع الإله ؟؟

هبة عبد الحكم تكتب

  نشر في 22 غشت 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

في حلقة شهيرة من مسلسل الكارتون العالمي توم و جيري ، يعثر الفأر جيري علي بيضة ، يخرج منها فرخ نقار الخشب و الذي يري أول ما يري جسم جيري الكبير فيناديه من بـ ( ماما ) ، و هذا ما امتثل اليه كارل بوبر الفيلسوف النمساوي الشهير في مثاله فرخ الأوز الأبيض و الذي أثبت به النزعة الفطرية للكائن الحي إلي الإنصياع و الإنقياد لأول جسم كبير يراه .

 و هذاما جبل عليه الإنسان و فطر ، فلدي الإنسان نزوع فطري للعبودية ، و الضرورة تحتم هذة النزعة ليستدل قلب الإنسان إلي عبوديته للإله ، فيسبحه و يقدس له بلا علم و لا تعلم ، و كان الإله هو الرب لما تستوجب ربوبيته من رعاية عبادة و تحمله مسئوليات الخلق و الرزق و المراقبة و الرحمة و الإثابة و الحساب و العقاب ، ثم انخلعت لفظة الرب علي أي مسئول ، فهو رب بمسئوليته و سيطرته و واجباته نحو مربوبيه .

فالرب مسئول أكثر من كونه سائل ، و مع ذلك تفرض أطروحة صنع الاله نفسها ، لماذا نحن بارعون في تأليه الغير من أكبر مثال للمسئولية و السلطة كالملوك و الحكام إلي أصغر مثال وهو رب الأسرة نواة المجتمعات ، لماذا نضفي علي المسئول صفات الاله وهي واجباته ، فتجد التمجيد و التقديس والإطراء و الثناء علي المسئول حتي و إن كان غير أهل لمسئولياته ، فنتملق بمهارة غريبة رب العمل حتي و إن كنا خلف الجدران نشكو ظلمه و نسبه و نلعنه ، نبغض أداء المحافظ و نتسابق لمصافحته ، تنزعج آذاننا بنشاز صوت المطرب و نهجو طبقاته ثم نجري خلفه اذا رأيناه ليمن علينا بتوقيع ، أو يا حبذا لو تنازل و توقف لحظات لنلتقط صورة للذكري ، ما الركائز التي تستند اليها عقول الناس و الشعوب ليرفعواالموظف المطالب بواجبات و الموكل بمسئوليات الي منزلة الاله ، حتي وان كان إبداله الحق باطل جلي وواضح ، بل و نعاني منه .

 هل هو نقص للحريات ، فماذا عن شعوب أقامت الثورات ثم وقعت مرة أخري في صنع الإله ، إن هذا الرب المسئول ، العالم ببواطن الأمور الأولي به أول ما يعلم هي واجباته التي سيسأل عنها ، فلرب العمل مثلاً مكتب عمل يراقبه ، و مع ذلك لا نسمع كثيراً عن تكاتل موظفين في تقديم شكوي لمكتب العمل ، اللهم الا ما حدث أيام ثورة يناير المجيدة من مطالب فئوية ، فتتحقق عنقاء السلطة ، في وجود مسئول يعلم واجباته و مسئولياته و يعي وجود من هو يراقب و يعاقب ، حتي وان كان في أكبر منصب في مؤسستة ، و يتوقف هذا علي امكانية تعميق وعي الشعوب و الأفراد ، و نسيان الرغبات الشخصية من المسئول ذاته فهو بمكانه لتحقيق أهداف عامة ، ينصفه وعيه بمراقبة من يراقبه ، فلا ننقاد تحت سلطة إله جديد نصنعه بجهل و غشومية يكون مبدأه في حكمنا ( ما أريكم الا ما أري و ما أهديكم الا سبيل الرشاد ) .


  • 16

   نشر في 22 غشت 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

راوية وادي منذ 6 سنة
تحليل به عمق و فكر و مدعاة للتفكر سلمت يمناك
1
جميل وفيه فكرة اخت هبة
1
قد يبدو عنوان المقال غريبا لكن الفكرة جيدة فالإنسان بحاجة دائمة لسلطة سواء كانت حاضرة أو غيبية، وصناعة الاستبداد تبدأ من أنفسنا أولا لتنتقل للحاكم والمسؤول
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا