خوفنا من التغيير - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

خوفنا من التغيير

لم تتغير، ولن تتغير، لأنك ببساطة: خائف !

  نشر في 07 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

     الخوف ...

من أبرز أسباب نمو المشكلات، والتمسك بسيء الصفات .

     نعم، الخوف من التغيير، فتراهم يصفونك بـ"سريع الغضب" أو "سليط اللسان" أو "سيء الأخلاق"، وما شابه هذه الصفات، ولا تقدر على اكتساب نقيضها؛ لأن حاجزًا يُصوّر لك بأنه هائل، شديد السمك، قد حال بينك وبين إرادتك في التغيير !

     فتجد الأب تحيطه هالة من اللهب عند الغضب، يعتب على نفسه بسبب سلوكه السلبي المتكرر، لكنه يخاف أن يتخلى عن غضبه؛ لأن ذلك سينقص من هيبته -بزعمه- لدى أولاده .

     تجد المعلم المتساهل، يخاف أن يصبح أكثر حزمًا؛ لأنه –بزعمه- يخاف أن تتغير نظرة الطلاب الإيجابية له، فلا يزال يصارع الغرق في بحر السذاجة حتى تغلبه !

     هذا الحاجز، الذي يستطيع أن يهده عن أصله، ويقتلعه من جذوره، هو تصحيح نظرتك -وخطوات ستأتي-، دعني أحاول أن أبين لك مدى سهولة التغيير، وإن كنتُ حقيقةً أعترف بأنه صعب في البداية، فلقد قالت العرب: الصعب يكمن في البدايات .     

فأنت لديك شيء تريد تغييره، ولكنك تخاف من أمرٍ ما، فعلى سبيل المثال من يريد أن يكون لبقًا، -مثلًا- يخشى أن يقول عندما يطلب شيئًا: لو سمحت! لأنه يخاف من ردة فعل الناس تجاه تغييره -وإن كان حميدًا- .

صدقني قول ذلك لن يخلق لك شخصًا جديدًا تستنكره، والناس بالفعل قد تستنكر تغيّرك في البداية، ولكنهم سينسون بعد فترة، ليحسب كثير منهم أنك نشأت على هذه الأخلاق الطيّبة حتى! وإن لم ينسَ فليس هذا بالمهم، المهم هو أنت، وما تريد امتثاله، ومع ذلك أستطيع القول بأنه ستبقى أصلًا المودة التي بينك وبين من حولك:

إنما هذه القلوب حديدٌ ولذيذ الألفاظ مغناطيسُ - صفي الدين الحلي

وفكر بالإيجابيات، والأمور المترتبة على فعلك، فلا تدري، لربما تسقي أحدهم جرعة من طيب أخلاقك بعد ظمأ حل به في يومه، فيُزهر .

     أتذكر أحد أساتذتي، تغمرك بجمال أخلاقها، لدرجة أنك ترجو لو أنك تخدمها بشيء لتعطيك بقشيشًا من حلاوة لسانها، وكانت طموحة، ناجحة، تتميز بكثير من المميزات، كنّا نراها مثالية بحق، وكأنها نشأت أصلًا هكذا؛ أخبرتنا ذات مرة موقفًا بخصوص نجاحها سلبي جدًا، ألهمنا كثيرًا، ولا شك صدمنا كذلك؛ فأخذ الكثير يعيد حساباته مع نفسه .

     إذًا، ليس النجاح الذي نراه متمثلًا في كثير ممن حولنا، كان كشربة ماء، فلا ندري عن مقدار التعب، والطرق الوعرة التي اصطدموا بها، بل اصطدموا بها كثيرًا! ولكنها تهون من أجل الوصول إلى الأمر الذي يطمحونه بشغف، وترنو إليه نفوسهم .

     واعلم أنه مهما بذلت جهدك لن تصل إلى الكمال، فهذه قضية قد أُغلقت ملفاتها، ولكنك تقلّص حجم الثغرات المنتشرة، بل وتقضي على كثيرٍ منها .

     خطوات التغيير: 

     للتغيير خطوات مختلفة، تختلف باختلاف تناسبها للأشخاص، ولكن التالي لعله يُجسّد أهمها، واتباعه يلغي العشوائية التي هي سبب الفشل في كثير من الأحوال -مع ملاحظة أن بعض الخطوات تعد متداخلة نوعًا ما؛ فلا تقلق بسبب عددها-  .

     1- النية الصالحة:

     احتساب الأجر لوجه الله، فمهما كان الأمر الإيجابي الذي تصبو إليه، لن يكون مباركًا إن كان من أجل الخلق وحدهم لا الخالق .

     2- الإرادة:

     فقل (أرجو أن أتغيّر) بدلًا من (أتمنى أن أتغيّر) .

  3- تحديد المشكلة:

     الغوص في ذاتك، والكشف عن جوهرك، أعني ذاك الجوهر الذي غطته الأوهام فجعلت رؤيته مشوشة، الذي أحيانًا يُتضح لمن هو أمامك، وتنكره كثيرًا ...

لولا هذه الخطوة، صدقني لن تتغيّر، فالتعرف على المشكلة هي الأساس لحلها .

فحدد ما الذي تريد أن تغيره بالضبط، هل هي صفة سيئة؟ أم روتين غير مُثمر بالإنجازات؟ أم تقصيرك في التواصل مع أهلك وأحبابك؟ ...الخ

4-القراءة والتثقف حول الموضوع:

     متابعة قراءتك للمقال علامة حسنة، فكلنا لدينا شيء نريد تغييره، وإثارة الإهتمام هو أول خطوات الإلهام ...

     اقرأ في الأمر الذي ينقصك، اقرأ لتجد ضالتك، ودعني أخبرك بأن أجمل لحظة هي اكتشافك لتلك الصخرة الضخمة التي تسد النور عنك، صحيح أنها ضخمة لكن الكشف عنها يجعل من إزاحتها عن طريقك سريعًا، بعد جهل أورثك التخبّط والعَجْز .

     وبالطبع ليس الأمر يقتصر على الكتب فحسب، ففي عصرنا هذا تعددت الوسائل، وكَثُرتِ البدائل، فيوجد آلاف آلاف المحاضرات المرئية، والمكتبات السماعية، فمن الناس من يسمع محاضرات على اليوتيوب مثلًا تصل إلى خمس عشرة ساعة، ولا يصبر لقراءة كتاب ورقي واحد، فاختر ما يناسبك .

     وبالمناسبة ...

 بعض الجمل رنّانة، لها أثرها الطيّب في نفسك، ولا تستطِع صرف نظرك عن وجودها أمامك في طريقك، فما إن تبتعد عنه، تحاول جذبك إليه مرةً أخرى، ولهذا لا تنسَ اصطفاء من تتلقى منهم النُصح .

من جهتي أحبذ حفظ بعض الأبيات من شعرنا العربي، فمعلومٌ أنها سهلة الحفظ، عميقة المعنى، سريعة الاستحضار .

5- محاولة الاكتساب أو التمثل:

     الوصول إلى الخطوة هذه بطريقة الإقتحام سيء جدًا؛ لأنه لا بد من خطوات  سابقة لها تقوّم مسارك، فقد تصل إلى النهاية بالفعل، لكنها مشوّهة وقد لا تدرك ذلك!

     قد يساعدك (التمثيل) لتصل إلى (التمثل) -في بعض المواقف التي تحتاج ذلك-، ولا أعني (التصنع) بالطبع، فالأمور الإيجابية إذا كانت تستمد قوتها من النية الطيّبة، فلا شك بأن هذا من أحاسِن المقاصد، ونبائلِ المطالب، فاطمئن .

قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وإِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ» (صحيح الجامع:[2328]).

     أحيانًا يكون تغيّرك سريعًا، ومفيدًا جدًا، فمثلًا تريد أن تُدخل في روتينك: حفظ ثلاثة أوجه من كتاب الله .

     فالبداية عقدت نية حسنة، وكنت شغوفًا لهذا الأمر، راغبًا فيه، وكذا مشكلتك حددتها، أنك تبقى لك سبعة عشر وجهًا، لكنك تخاف من إهمال هذا الوقت نظرًا لأشغالك، لكنك مع ذلك أقنعت نفسك بأنه بالفعل لا أحد فينا لا يستطيع إخلاء بعض وقته مهما كَثُرت أشغاله، فكسرت الخوف -من الوقت- الآن، وأقنعت ذاتك بأن الورد الذي حددته ستتمكن من إتمامه .

ومن ثم تحاول أن تسقي ذاتك جرعةً تُثبّت قدمك، وتدفع بك إلى الأمام، فتقرأ في أقوال الصحابة -رضي الله عنهم- في فضل القرآن، وتقرأ الآثار المُعطرة بشذى إخلاص أصحابها للنية، وكي يكون الأمر أكثر جدّية، تسجل في أحد المواقع الإلكترونية، مثل موقع المقرأة الإسلامية، وها أنت تُثْبِت بأنخطتك ليست عشوائية، فلديك أمر أنت مرتبط به، ولعله يعينك على تمام ما تريد، وإن كان هذا لا يناسبك لا بأس حدد لك ساعة بعد إتمام أحد الصلوات المكتوبة -كالفجر- تحفظ فيها وردك كل يوم، ولا تقم من سجادتك إلا وأنت متمّه، وتتعدد الخيارات في هذه المرحلة ...

وأخيرًا ما إن تدري إلا وحصّلت مرادك-بإذن الله-، أَجمِل بهِ من شعور !



  • 18

  • لمى
    لا يهم الكم بقدر ما يهم الكيف، فلا تتفاخر بكثرة سيلان حبر قلمك فهو ربما هدر، وربما حتى شاهد عليك، فاهتم (بماذا) تكتب لا (كم) تكتب.
   نشر في 07 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

سلام يا لمى : عندما يتغيب عنا المنهج نضل عن الطريق ، والطرق متعددة ، واحدة منها فقط سهلة وقصيرة وهي المطلوبة طريق وخط مستقيم إلا ان الخطوط الأخرى تجعلنا نتوه فيها ، التغيير دوما يجب ان يكون للافضل ، لمن لا يسير على المنهج عليه العودة إليه وإن كان مبتعدا عنه او أُبعد عنه او غاب عنه او غُيب عنه او انه استيقظ من سباته او غفلته او ضلاله عليه العودة ، ولو اننا نعيش في جماعة وهي اصغر وحدة للمجتمع تقيم المنهج وفيها المحبة والتعامل الحسن والتربية المحبة وسيرة السيد سيد الانام عليه افضل الصلاة والسلام لكان اسهل علينا ان نتغير فعليه الصلاة والسلام يوصينا بالمحبة ولا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ( من الخير) ، ويقول عليه الصلاة والسلام الا ادلكم على شيء إذا فعلتم تحاببتم افشوا السلام بينكم ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ويقول عليه الصلاة والسلام الكلمة الطيبة صدقة ف بالكلمة الصالحة نتغير ، ويقول الله تعالى جل شأنه ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) سورة النحل ، ويقول جل شأنه :وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) الاسراء ، والتغير الاهم ليس تغير الفرد بل تغيير الجماعي اي إن ظهر عدد كبير من الاشخاص يرغبون التغيير فذلك حقيقة يظهر التغيير ، فيقول تعالى : إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ {الرعد:11}والتغير بثلاث طرق كما اخبرنا عليه افضل الصلاة والسلام : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان . رواه مسلم . والتغيير يحتاج أحيانا الى تغيير البيئة والمحيط والافراد ,وبالمناسبة نحن نطلب التغيير 27 مرة نطلب من الله الهداية أي ان نتغير الى ما هو افضل أي الى الصراط المستقيم
0
لمى
وعليكم السلام ورحمة الله
جزاك الله خيرًا
ربنا تقبل منا أنك سميع الدعاء
ماشاءالله عليك بصرااحه موضوع يستحق القراءة
أصفق لك بحرآره اختي العزيز…….. على موضوعك الرائع
كلماتي تعجز عن وصف مدى ورووعة موضووعك..
أسأل الله لك التوفيق والسعادة
مع خالص احترامي وتقديري..
2
لمى
عزيزتي، كرم أخلاقك أخجلني، ودعمك إلى الأمام يدفعني، أقدّر حقّا جميل كلماتك، وطيب دعواتك
شكر الله لكِ حبيبتي
روحي لله أبثها
الله يوفقك حبيبتي وإلى الأمام دااائما
بارك الله فيك اختي برنامج عملي رائع
2
لمى
وفيك، شكرًا للتشجيع
Salsabil Djaou منذ 6 سنة
مقال رائع لمى ، فصلت المشكلة وقدمت الحل بأسلوب بسيط و جميل ، أفدت القراء جدا بانتظار مقالاتك القادمة ،دام قلمك المتميز.تحياتي وتقديري.
3
لمى
وهذا ما أرجوه أن تكون الفائدة حصاد مجهودي، فشكرًا لطمئنتي؛ أقدّر ذلك كثيرًا
لا حرمني الله من تشجيعك ومرورك القريب من القلب دومًا حبيبتي سلسبيل
عمرو يسري منذ 6 سنة
مقال رائع وهام. وأسلوب سلس في الانتقال من نقطة لأخرى.
وأضيف على ما ذكرتِ أن يحيط الإنسان نفسه بالصحبة الصالحة التي تعينه على التغيير, فالتغيير الفردي أعسر بكثير من التغيير في جماعة.
بالتوفيق وفي انتظار كتاباتك القادمة.
3
لمى

أحسنت، ولعل تركيزي في الإيجاز جعلني أُغفل هذه النقطة المهمة، خصوصًا أن معظم التغيير الذي يحدث لنا يكون مصدره ذاتي بتوفيق الله، ولكن كما قلت هو (أعسر).
جميل يا لمى ، أسلوبك في الكتابة رائع جداً ، أحببت الموضوع الذي تناولتيه وتقسيمك له .
بالتوفيق أيتها الرائعة .
3
لمى
ما أروعه من شعور حينما يردني تعليق من شخص كمقامك حبيبتي يسرى، لا عدمت طلتك البهيّة .
يسرى الصبيحي
حبيبتي لمى ، استمري بورك فيكِ .
آيــآ منذ 6 سنة
لمى !
ماذا أقول لك؟ كاتبة رائعة تمتلك لغة رائعة و مصقولة و منطقاً واضحاً و عقلاً بصيراً، هذه أول قراءة لما تكتبين و سيسرني أن أطلع على باقي مقالاتك الجميلة.
تجديد الخطاب لديك مؤثر و يدخل القلب و العقل بسلاسة و أيضاً تحلين الاشتباك بين المفاهيم و الأفهام ..
شكراً لك صديقتي على هذا المجهود الجميل
5
لمى
أهلًا بالطبيبة، والكاتبة الرائعة، والقارئة الراقية، وصديقتي الغالية .. آية
بل أنتِ من يدخل القلب بلطافتك، ومسرورة جدًا بسخائك
آيــآ
بوركت يارب

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا