الدين الظالم، ديانة الفوضى الفكرية المستحدثة
ديانة الفوضى الفكرية المستحدثة
نشر في 27 أكتوبر 2015 .
قد يندهش البعض من "العنوان" ويظن أنه مستخدم للإسقاط على ديانة سماوية يعتنقها البعض ، كلا ، إنما أقصد ديانة اختلقها البعض من العدم ، فلم يتحدث بها نبى ، ولم يقرها أي منهج سماوي ، إنما هي اختلاق الاهواء فى حرب الآراء ، وايجاد المبررات لتغول الشهوات ، وأحيانا التقليد الأعمى لكل ما هو غريب ، وأحيانا نتيجة تجربة قاسية تحول الشخص إلى عدو شرس للمنهج كله ، إنه دين تبناه كل متطرف ، دين الرأي الواحد ، حينما يؤمن الفرد بأن كل ما هو خارج الدين هو الصحيح ، وكل ما ينصه الدين هو الكبت والتحجيم والمنع ، حينما يؤمن بأن كل ما تحدث به الفقهاء هو عين الدين وهو المطلوب ومن لا يلتزم بكل فتوى فهو فاسق ! .
المشكلة ببساطة أن هناك دين ظالم تبناه المغاليين فجعلوا للدين ما ليس له ، أو نزعوا عن الدين ما هو له ، سأتكلم عن الديانة التي أظن أنني أعرفها ، فالإسلام وضع قيم عامة ومبادئ شاملة ، تطبيقها هو غاية أهدافه ، وحينما يتعرض لقضية ما فى مناحي الحياة فهو لم يدقق التفاصيل وإنما وضع قاعدة عامة وقيمة لابد من توافرها ، وترك للتجربة البشرية الحرية فى البحث عن الوسيلة التي تتحقق بها الغاية .
ولكن أصحاب الدين الظالم أبوا إلا أن يفرضوا على الناس وصاية بعض الفقهاء المجتهدين الذين هم بشر "يخطئ ويصيب" فجعلوا من كلامهم قرآن آخر لا يكمل إيمانك إلا بإقراره وتصديقه والالتزام الكامل به ! ، وما كان للإسلام يوما ما أن يفرض على الناس رأيا واحدا ولو كان لكان أولى بالنبي "صلى الله عليه وسلم" أن يفصل تلك الأمور تفصيلا كاملا دقيقا لا يدع مجالا للاجتهاد أو النظر فى زمن ما ، وإنما جعل القاعدة "أنتم أعلم بشئون دنياكم" .
ولكن أصحاب الدين الظالم أبوا إلا أن يفرضوا على الناس ترك ثقافتهم وهويتهم التي تندثر فى غياهب السقوط المرير فى بحر من الفوضى السياسية والانحدار الأخلاقي والتدهور الاقتصادي والجمود الفكري والتمزق المجتمعي والسيطرة السياسية الشمولية ، والبحث عن استنساخ التجارب العالمية بغض النظر عن اختلاف الثقافات والهويات الوطنية أو حتى طبيعية الديانة التي يؤمن بها أهل البلاد ، فصوروا الدين على أنه هو العنصر الأول فى كل هذا التخلف وأنه لابد من تنحيته جانبا ! ، ففرضوا على الإسلام ما ليس منه ، وهو أن يكون مجرد صلوات تؤدى فى المحارب وليس منهج قيمي ينظم قواعد حياة المؤمنين به .
فيا هؤلاء وهؤلاء تعالوا إلى كلمة سواء ، أن نعترف بأننا لسنا من العدم وإنما لدينا ثقافة ولنا هوية ، ويحتضننا وطن ، كان لآلاف السنين مهدا للحضارة بشعبه وثقافته ودينه لم يتفلت منهم عنصر واحد ، علينا أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح ، علينا أن ندعو لكسر كل ما هو متخلف ورجعى ، أن ندعو إلى التفكر وتصفية تراثنا من الشوائب التي أوجدها العامل الزمنى ، علينا أن نعتز بثقافتنا التي كان لها السبق ولكن علينا تنقيحها ، علينا أن نسحق كل العوائق التي تحول بيننا وبين الحوار المباشر من أجل ايجاد القواصم المشتركة ، والانطلاق إلى النموذج الفريد الخاص بنا ، فلدينا من العقل ومن الموروث الحضاري ما يكفي لاكتشاف ذاتنا من جديد ، أعلم أن هذا الكلام عام ، لكن له تفصيل سيليه فى بعض القضايا ، لمحاولة الوصول إلى رؤية وسطية بين أصحاب الدين الظالم .
-
إسلام الحافيطالب بكلية الإعلام ، صحفى ، مهتم بالسياسة والرياضة .
التعليقات
و شكرا لحضرتك على المقال