و كأن دهرًا قد مضى !
غرباء :")
نشر في 01 فبراير 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 ديسمبر 2022 .
"الدنيا تدور و تدور .. و كلما دارت فإنها تؤوب إلى فلكها الأصلي ,فيا تُرى هل ورثة الأرض الحقيقيون جاهزون لاسترداد ميراثهم الذي أضاعوه و سلبه الآخرون؟ " _محمد فتح الله كولن_رواية:عودة الفرسان لفريد الأنصاري
كلما حاولت قراءة هذه الرواية أقف عند أول صفاحتها أقرأ هذه الكلمات و أعيد قراءتها مرارًا و تكرارًا.. أعود مرة أخرى إلى الإهداء في أول الرواية : " أما هذه الورقات فإني أهديها لكم شبابَ العالم العربي عسى الله أن نبصر موقع الرأس من أمتنا فنسلك الاتجاه الصحيح نحو استعادة الروح التي فقدناها _ فريد الأنصاري "... لا أدري لماذا قررت بالتحديد أن أقتبس هذه الكلمات من تلك الرواية لأبدأ بها .. لكن كل حرف منها أشعر أنه يهزني في أعماقي و أتلمس صدق كاتبه الذي خط تلك الكلمات و هو على فراش الموت .. و يكأنه يكتبها بروحه و يُشهد الله على ما يقول .... أعود فأسأل نفسي هل ورثة الأرض مستعدون؟؟ هل نحن نستحق هذا اللقب ؟ هلى نحن مسلمون بحق ؟؟ ماذا تعرفين يا فتاة عن الإسلام؟؟
يكاد يمضي عقدان على ميلادك و قلبك لازال يستأنس نارًا يقتبس منها نورًا .... تعبتِ ولم تبرحي مكانك بعد!! أي همة تملكين و أي هم تحملين ؟؟ تعلمتِ يا فتاتي في عامِك المنصرم ما لم تتعلميه طوال سبعة عشر ربيعا انصرموا .. تعلمتٍ كم أن لا شيء محتمل وكل شيء ممكن في نفس الوقت .. تألمتِ يا صغيرتي لكنك في النهاية تعلمتِ ...نعم لازلتِ في أول الطريق, تسيرين على مهل ولكنك في النهاية كما عهدتك لا تتخلين عن صدقك أو عن ذاتك. لا شيء أكيد على هذه الأرض ,لا شيء سوى الله و أنتِ ! دائمًا كنتِ نفسك, و كنتِ مع الله فماذا دهاكِ ؟
لماذا ابتعدتِ هكذا؟؟ لماذا كلما حاولتِ الاقتراب, جرفتك الحياة بعيدًا .. لماذا يتخطاكِ الآخرون ؟ هل تعرفين الإسلام حق المعرفة يا فتاة ؟ ..
(( معرفة )).. تلك الندوات التي غيرت مجرى حياتكٍ هذا العام .. أدكرت من خلاها أننا_ من نظن أنفسنا نعرف الإسلام_ في الواقع فقراء علم و دين !!!
**في حياة كل منا يومٌ لا تعود بعده الحياة كما كانت, لو كان لي أن أحدد يومًا لاخترت يوم فضّ رابعة ذلك اليوم الذي رأيتُ فيه الموتَ فيه رأي العين, اليوم الذي كلما حاولت وصفه أعيتني حروف اللغة على كثرتها, يوم بألف سنة,يوم تشيب له رؤوس الولدان. مررت برابعة منذ ما يقرب من شهر في رحلتي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب _هذا حدث آخر مهم يستحق التوثيق_ و ما زلت أحاول منذ شهر أو يزيد أن أكتب أو أصف ما شعرت به حينها ولا زلت أعجز عن ذلك .. تهزني رفيقتي "غادة" و ظنني نائمة و قد أسندت رأسي على زجاج نافذة الباص أخفي دموعًا انهمرت دونما سابق إنذار .. و في أذناي يتردد ألحان أنشودة " إذا سكت الزمان عن المظالم " لا أدري أي قدر أتى بتلك الأنشودة في تلك اللحظة بالذات لكنها كانت كالقشة التي قسمت ظهر البعير .. و يحضرني الآن قصيدة الشهيد يحاصرني لمحمود درويش: الشهيد يحاصرني كُلما عشتُ يومًا جديدًا و يسألني : أين كنتَ ؟ أعدِ للقواميس كل الكلام الذي أهديتنيه و خفف عن النائمين طنين الصدى ~لماذا يحاصرنا الشهيد ؟ هل يحاصر قاتله كما يحاصر رفاقه يحثهم على الثأر له .. يا الله لماذا لم تقتل ضمائرنا مع رفاقنا الراحلين .. لماذا لا يحاصر الشهيد القاتلين ... لماذا نحن يقتلنا الحنين .. ؟؟
**تعلمتٍ يا فتاة أنه كلما كبر الله في قلبك صغر في قلبك كل شيء
** تعلمتِ أنك مهما حاولت الأقتراب لا تزالين بعيدة .. مسافة بضع السنين الضوئية .. لازلت ضيئلة .. لا زال عليك قراءة المزيد .. لا زلت لم تفعلي شيئًا لأمتك طالما أنك لا لزلت لم تُستشهدي بعد .. أمتك التي تنزف منذ أعوام و أوجاعها تخبرك كم أنك كنت تتألمين لأمور تافهة .. كم أنك جاهلة......إخوتك في غياهب السجن .. و تزعمين أنك تشعرين بهم .. لا أحد يشعر بهم ولا.. ليس لأحد أن يزعم ذلك .. أشعر بالخجل كلما فكرت كم نحن مقصرون بحقهم .. و يخجلني أكثر أن ظالمهم لا يشعر بشيء !! يعزيني فيهم أنني أعرف كم هم رجال أحبهم الله فابتلاهم بأحب ما لديهم " حريتهم" ماذا عنا نحن ؟؟ أولئك المعذبون بين الرفاق الشهداء و الإخوة المعتقلين
لو كان لي أن أصف عامي المنصرم بكلمة واحدة .. لوجدت في " غرباء" عزائي الوحيد .. كم شعرت بالغربة في هذا العام .. اغتراب الروح و الجسد .. اغتراب بين الرفاق و اغتراب بين الأهل .. جفت المآقي .. و تجمدت المشاعر .. أو هكذا كنت أحسبها.. لكن بين حين و حين تعصف بنا الأحداث تهزنا و تكاد تفتك بنا فأحمد الله .. ما زلت أحيا بعض إنسانِ بشبه جسد و بعض روح و شيء من المشاعر
عندما أحسب عمري .. أجده بضع لحظات أحسست فيها صدق الإيمان بحق .. سويعات كانت لله خالصةً ليس لكائنٍ منها نصيب ...ُو عندما أحسبه ثانيةً أجده دهرًا من ألف عامٍ أو يزيد .. ما أكثر الأحداث التي مرت عليّ واحدةٌ منها بعمرٍ كامل ولكنني لم أعش واحدة فقط يل عشت عمرا كلما مرّ فيه عام ظننت أنني اكتفيت فإذا بالحياة تخبئ لي المزيد و في النهاية لا أعلم كيف يحسب عمر الإنسان أيحسب بقدر سعاداته أم أهواله؟؟لكنني أتمني في عامي هذا أن يهبني الله الرضا .. فإن رضيتُ هانت عليّ الدنيا .. و لو مُنحت أمنيةً أخرى لتمنيت أن أرتحل قريبًا إلى الحلم الذي تتضاءل أمامه كل الأحلام .. إلى الجنة و لكني أجد ريح يوسف و إن باعدت بيننا الأهوال و الأقدار.. لا زال فرج الله قريبا و لو بعد حين لكنها ستُفرج و سنبكي يومًا من عطاءٍ كنا نرتجيه فأتى أقرب مما نظن و أكثر مما نُريد
-
زهرة الوهيديأكتب... لأنني أحب الكتابة وأحب الكتابة... لأن الحياة تستوقفني، تُدهشني، تشغلني، تستوعبني، تُربكني وتُخيفني وأنا مولعةٌ بهـا” رضـوى عاشور :)
التعليقات
حين قرأت مقالك للوهلة الاولى خلت نفسي كاتبه لشدة تشاركنا الهم ذاته .
فرج الله عنا اخيتي و رزقنا الله ايام تنسينا مرارة ما مر علينا .
و اعلم ان قيمة المرء بقيمة القضية التي يحملها بين جنبيه .
" غرباء و لغير الله لا نحنى الجباه "