لا يسع المرء ان ينسى جميل الذكريات التي تخللت طفولته ووسمت حياته،ربما يعتقد البعض اننا نكبر و لا نبقى اطفالا،لكن في الخبايا دائما مايوجد هنالك طفل بداخلنا ،بكينونته الكاملة ينشد البروز،ولايصح قتله ،وعيش السيرورة الزمنية للعمر دون تقاطعات،دائما مانحتاج الى عودة نسبية لهذا الطفل.
انه بذرة الخير الاولى في نفوسنا ،لحظة الفرح السامية فوق كل منظور،متعة الحياة حين نراها باعيننا كاطفال،فاتحة اياديها لنا ،كصفحة بيضاء ،لايدنسها مداد ولا واقع،لنعيد النظر بعقل العاقل ومراس التجارب لكن بعين الطفل،ندرك حينها ان هنالك فعلا املا في الغذ مما لايكفل العقل الراشد إدراكه في انقى حالات العصف الذهني،يفاجئك الطفل الذي يسكنك حين يطلق العنان لعفويته بعيدا عن التصنع ،يعلمك ربما درسا في الصدق قد تكون نسيته يوما،يهديك باقة من اللحظات التي تعيشها كما وكيفا مما لا تحس به في العادي من الايام.نوع من ضخ الدماء في روحك التي قد تكون صدأت بغبار الايام و الانهماك،ولعل اهم تجربة تكفل هذه العودة النوستالجية ان تلاعب طفلا وتداعب هذا وذاك وتدع لروحك الشقية حرية الجولان ،لتعلم انها مازالت على قدر من الحياة وان الفرح ليس شرطا ان يدوم في الحياة بقدر مايستحق ان يعاش في لحظاته و لنفسك حقا ان تعيشه في اسمى التجليات،
لا تقتل الطفل الذي بداخلك لانه ربما سبيلك الوحيد لتتفاءل ؛لتجدد العهد باحلامك بصيغة الازهار ،بل لتجدد العهد بك وتعلم انك مازلت ههنا طفلا لايعرف معنى كلمة مستحيل ،ولكم جميل ان تعيد عيش يومك بقاموس عفوي طفولي بريء،لكن لا تنس الواقع ويكفي ان تكون فقط الانسان الذي تريد ان تكونه ،ولا تنسى ان تسقيه بجرعة من الطفولة بين الحين و الحين،فالانسان كالزهرالمقطوف حين يولد ،ليعيش يحتاج الى تجديد للمياه.
يعلمك الطفل الذي بداخلك اننا فقدنا الكثير من المعاني بصيغة الكبر،لكن هنالك متسع لارجاع مافقد ان تنظر لنفسك وتغامر كطفل وزادك علم مماخبرته وتجارب من عمرك الحالي،عندها يتلاشى المستحيل فعلا ولايبق قيد الوجود الا في عين من شابت روحه و خفت وهجها ،جميلة هي الحياة اجل ،وقد يكون الواقع اسودا احيانا لكن تكسبه شيئا من البياض بامل الطفولة وهمة الشباب ،فلا تقتلوا هذا الطفل بداخلكم.
انه عودة للوعي الاولي ،مرحلة البراءة و الازهار التي تحمل ازكى معاني السلام و اللحمة التي نفتقدها اليوم ،لعلها حسن الظن ،فلولاه لما رأينا الشقاق بين امتنا و لما رأينا هذا الاسفاف و المذلة التي صارت حكرا على امتنا ،نحتاج الى جانب من البياض نتشاركه و نبني عليه صرح هذه الامة ،مما لوثته الالغام السياسية و الصور الخادعة.