وبشكلٍ حزينٍ حزينْ، يواصلُ عطاءهُ يقدمُ ما تبقى من ابتساماتهِ يوزعهاَ على ملامحِ هذا العالمِ المليءِ بالشقاءِ والبؤسْ. كم كانّ إيمانيّ خاطئاً حين توقعتُ يومها أن أُصيبْ من أولِ رميةٍ جذعَ الأمامْ، قد أخفقتُ هذه المرةَ أيضاً ورجعتُ بأقدامي إلى الوراءْ المزخرفِ بالخوف، تخلفتُ عن الحاضرِ بأربعينّ قدمًا وبوصة.
رفعتُ يدي إلى أعلى ملوحاً بها بكُلِ براءتي أنتظرُ أن يراها أحدٌ ما يحسنُ النجدة، لن يكونّ مستحيلاً مدُ الحبلِ إلى جهةٍ تُرى، لكنّ وبعدَ فواتِ الآوانِ بومضةَ يأتيني الردُ على طرديّ البسيطْ. ترتدُ اليدُ إلى الأرضّ وتقعُ خيبةُ الإنتظارْ مواسياً حقيقياً في لحظةِ الارتداد.
هل انتهى كلُ شيءٍ هنّا ؟! . هل أنا أجوبُ شارعَ الوحدةِ أخيراً وحدي ؟! . وصلتُ إلى مفترقِ طرقٍ أم أنها إشارةُ خطرٍ تدلُ على شيءٍ ك حذاري افِسْحُوا أيها الأمواتُ أياً ما كنتم تعملونّ المجالْ ؟! .
لمن ؟! .. لا ندري
يُضللنّا التساؤلُ مثله عندما تُغشى أرواحنّا عن رؤيةِ النورِ بعينّ الحقيقة. يحجبُ الزيّفُ مضارعَ الحالِ المنصوبة
حقاً قد أصابهُ الخمولْ، لم يحدثّ هذا العذابُ لأحدٍ هكذاَ أو قد حدّثْ من يعلمُ هذا ويفصلهُ عن ذاك، يتنفسُ بعضّ الحين من معاناته، ثم يعودُ إلى غنائيته :
أنا أُفْرطُ في استقدامِ حظوظي بثمنٍ بخسْ، أُضيّع روحَ التنافسِ مع الزمنِ بلعبةِ نردٍ عاديّة. كم كانّ متوقعاً أن أصلَ الى هذا الموقفِ من النفاذْ ولا زلتُ أرى طابعَ الواقعِ الملفوفّ بالحزنِ في كلّ شيء. طعاميّ الخاليّ من الملحْ علبةُ التونةَ الضائعةِ التونة، ثيابيّ المقلدةَ، تسريحةُ شعريّ المسروقة... هذا يحدثُ حقاً. هنالكَ لصٌ ما يأخذُ مني احتياجاتيّ الخاصةَ وكلما فكرتُ في الأمرْ أقولُ : " إن تعاسةَ المرءْ كلها في توقعاته " .
لا مفرَ من هنا إلا بركوبِ مركبٍ غيرِ سليمٍ ثم الاتجاهُ نحو الأعماقْ، نحنُ البشرُ فينا حبُ الحرية، حبُ الراحةِ الأبدية
وهل توجدُ لنا راحة ؟!
سوفّ أقفُ فوقَ الزورقِ الأخيرْ وأدعي أني على قيد الحالِ الجيّد وأتمتعُ بما يقالُ عنيّ في المساءْ وأنا على ناصيةِ الغوصِ في أعماقِ الألم .... أسمعُ همساتهم وهي تقولْ :
" إنهُ ليسَ على ما يرامْ فقطْ كانّ يمثلُ علينا دورَ الصبورِ حينّ ينشدُ بصوتهِ المبحوحْ أنهُ بخيرٍ وبأحسنّ حال "
لا يغنيني شيءٌ الآنَّ، فقط لأنهُ طُبعَ على قلبي الرجوع إلى الخفاءِ مرةً أخيرة، فقطْ لأنني ببابِ المجهول أدق .
-
Abdelmalek Ziriأفضلُ ما يقال عن الخيال أنهُ النارُ التي تختبئُ وراء الخيام ... النظر من بعيدٍ يقربُ الرؤيةَ من الوضوح .