أوهام قارئ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أوهام قارئ

  نشر في 13 نونبر 2021 .

عادة ما نستهل رحلتنا في عالم القراءة من منظور الكم؛ فيقاس اجتهاد القارئ بمقدار ما يقرأ من الصفحات بوتيرة يومية، ثم بعدد الكتب التي طواها تحت يمينه. وغالبا ما تكون المحطة التالية هي إصدار انطباعات متسرعة، وأحكام غير لائقة، تضع بعض الكُتاب في مصاف النجوم، و تلقي بالآخرين إلى ذيل القائمة. عشنا تلك الانطباعات لسنوات قبل أن نكتشف أنها لا تليق بالقارئ الحقيقي، فكل الكُتاب هم خيوط شعاع، تلتئم لتصنع الشمس كل صباح! وأن القراءة الحقة تتسم بالعدل الذي قامت به السموات والأرض.

عندما يقتحم الكتاب غرفتك ينتابك شعور بأنك أول قارئ له. هي عتبة الوهم الأولى التي تنفخ فيك غرورا شبيها بالذي يستولي على جنرال دموي بعد إعلان الطوارئ. يدفعك العنوان وغلاف الكتاب لتصدر انطباعك الأولي. بعض الكتب مجلدة بشكل أنيق لتقنعك بالأهمية، وأخرى جلدها رخو لتثير فيك مزيجا من الفرح واللذة. طبعا هناك أخرى بغلاف خشن وألوان بالغة الكآبة.

تقرأ الصفحات الأولى لإجراء تقييم مبدئي. تثير العبارات الأولى انتباهك أو امتعاضك. بعض الكتاب من جيل الشباب يحرص على أن تكون الصفحات الأولى حفلة تنكرية. عشرات الأقنعة المتراوحة بين البساطة وادعاء فهم عميق لأسرار الحياة. كاتبة من فئة الخمس وعشرين سنة تعرض في قصصها خلاصة تجربتها في الحياة ليستفيد منها القراء. هكذا بكل سذاجة رقمية، يكسر الأدب حدوده !

بعد المقدمة وما يليها من صفحات مرطبة للجو الخانق، تشعر أنك بالغت في أحكامك. وهم القارئ يبدأ في التبدد حين يكون سقف المعاني، ورشاقة القلم أبلغ من مقدرته هو. اعتراف يظل سريا إلى حين صدور هفوة. العبارة المألوفة هي " كاتب جيد ولكن.." فيصبح العمل الأدبي رهين حسد فني: لماذا أجاد الكاتب في قول ما أشعر به، هل هي مكيدة اللغة؟ أم شيطان الإبداع الذي زاره في غفلة من العسس؟

تُنهي الكتاب وأنت تستشعر متعة بالغة الدفء. كل كتاب هو إكسير خلود يُمد في أعمارنا لنقتحم الوجود بفهم أوسع، ودراية بفنون تخطي المصاعب. حاول مئات الكُتاب أن يقدموا تعريفا للحب، وشرحا للدم و السكاكين التي تُجلل رحلته بين قلبين. لم يفلح أغلبهم لأن العواطف كبصمة الأصبع، تتباين من قلب إلى قلب. غير أن مجموع ما كتبوه يضيء جانبا من أسراره، بتنا أقدر على استلهام عشرات القصص الإنسانية حين نجرب شعلته الأولى.

عشرات الأوهام قادتني لأنحني معتذرا عما اقترفته كقارئ، في حق مئات الكُتاب الذين جلدت ظهورهم، لا لشيء سوى لأنهم أضاءوا عتمة جهلي بكينونتي كإنسان !

لهم كل الود !


  • 1

   نشر في 13 نونبر 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا