السفر الجميل في مثن النص كتابة وإبداعا أو قراءة وتأملا وتأويلا حتى، يقودنا حتما لمغامرة الرجوع إلى الذات والإنصات إلى لواعجها وآهاتها وأشواقها ،سيان بين الصريح الجلي والمكبوت في العتمة .

نكتب للغوص في أعماق وأغوار الوجود الإنساني ،كي نظفر بالفكرة الأساس : بين ماهية الوجود وسراب العدم ،بين جدلية الخفاء والتجلي ، بين متلازمة الحضور والغياب،كغياب الليل حيث نغوص في المنام،وحضور النهار حيث نجترح الفعل في علاقتنا بالأخر، وهذا مسارنا وصيرورتنا نحو الفناء إلى أن نلاقي موعدا ظل مؤجلا إلى حين.

ومتى أمسكنا وقبضنا على الفكرة الأساس ،نشذبها ونصقلها بعناية ثم نلفُّها ونكسوها بلغة البيان في حلل وأمشاج شتى،حيث جمالية السرد أو بهاء القافية ...

والنص الماتع غالبا ما ينفر من التقعر والتكلف المثقل بالاستعارة والموغل في المجاز،إن البساطة والانسياب جميلة في ذاتها،تشع على ما حولها مجاني يسيرة القطاف... "هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب والعناقيد تدلَّت كَثُريّات الذَّهب"جبران خليل جبران.

إن الكتابة الإبداعية هي فعل يقارب تخوم الجنون،هي تفرد وتمرد على النمطية،وقفز خارج الصندوق، يلبس رداء الحكمة ويقتعدمكانا عليا ... يتلحف ببساطة الكلمة وسلاسة الانسياب،و عمق المعنى وجمالية الصورة.

نكتب لننتشل ماتبقى من إنسانيتنا الموغلة في سعار المادة والاستهلاك، ليظل طهر ونقاء الإنسان حاضرا فينا،لنراغم طوفان الرقمنة الهادر،الذي سرق ويسرق منا تفاصيل الوجود والكينونة .

نكتب ليظل للابتسامة معنى الغواية والجمال،وللدمعة وقع الألم والشجن،وللغد امتدادُ حالم يكابد ويعاند البؤس والإحباط.

نكتب كي نبحر بأشرعة البوح،ونمتطي وجع الإبداع وحرقة السؤال الذي يميزنا عن الآلة الصماء.

نكتب لنحاصر القبح،ونقارب الحقيقة في حيز الممكن في زمن اللايقين.

خالو العزيز  المغرب