صِناعة ذاتك بين اختيارك والقَدَر... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

صِناعة ذاتك بين اختيارك والقَدَر...

  نشر في 13 أكتوبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أحياناً عندما تبدأ بكتابة مقالٍ ما تحتار كيف ومن اين ستبدأ بالكلام. لأن في بعض الأحيان لا تختار البدايات انت. كما هو الحال عندما خُلقت في بطن امك لم يكن خيارك..!

اي مهما كنت حكيما وصانع قرار يبقى القدر هو من يختار لك ..

اوقف عقلك قليلاً عن التفكير وابحث في داخلك عن نقطة وجودك في بحر افكارك  .. هل لاحظت ؟! ليس هناك نقطة وجود لك بل انت البحرٌ نفسه .!

لكن السؤال من اي نقطة في هذا البحر ستبدأ حياتك ؟ما هو السطر الأول في قصتك ؟!

وتبدأ قصة كل شخص منّا في اللحظة التي يولد فيها وتُسمع اول صرخةٍ له ..وكانه يقول هاأنذا قد ولدت جسداً وروحاً جديدة في هذا العالم كُتب لها قدراً وحياتاً لايمكن لشخص آخر أن يكون له ذات سيرتك وكأن قدرك مختص بك وهو اشبه بالحمض النووي الـ(DNA) لك .

في بداية الشهور الأولى من ولادتك تكون مجرد ذلك الكائن الصغير الضعيف تذكّر بأن عقلك لم يكن مكتملاً اي لم يكن لك تفكير بعد....ويكون ذلك الدماغ الصغير الذي يبلغ عند الولادة مئة مليون خلية عصبية تقريباً منشغلاً بالفعاليات الجسمية فقط مثل  الجوع والقليل من الحركة وربما بعض الادراك ..لكن تذكر بأن  لديك قلب مكتمل اذن لديك عاطفة ..! تكون غير مدركة لكنها مخبّئة فمثلاً ملاحظة الأطفال البالغين من العمر ستة اشهر تقريباً مراقبة والدته او والده والنظر اليهما والبكاء عند محاولة ابعاده عنهم تلك السلوكيات تكون مسيطر عليها من قبل الدماغ وتلعب دورها العاطفة أيضاً بذلك ...

مع تقدم السنوات لنموك وتصل مرحلة الطفل الواعي والمدرك وهي مرحلة بين (٥ -١٠) سنوات تكون تصرفاتك وسلوكياتك هي منعكسة عن بيئتك تربية الاسرة والمكان الذي تعيش فيه وحتى العادات الاجتماعية تكون انت نسخة عنها وشخصيتك الحقيقية مختبئة بعقلك الباطن ..

وبطبيعة كل شخص يتغير نفسياً عند بلوغه مرحلة المراهقة والشباب تكون هنا بداية ظهور شخصيته الحقيقية وتكون ممتزجة مابين صفات مكتسبة من البيئة والصفات الصادرة عن نفس الشخص .في نفس الوقت تكون قد ظهرت مجموعة من الطموحات والمواهب و من هنا تبدأ قصتك بصناعة ذاتك...

مهلاً..! اعد قراءة العبارة   " صناعة ذاتك "  اي لم اقل خلق ذاتك...! لان الفرق بين الصنع والخلق

هو القول ان تخلق شيئاً من العدم (وهذا شيء مستحيل لايمكن لشخص أن يخلق شيء من العدم حتى لوكان ذلك الشيء مجرد فكرة فلابد من وجود منشأ للفكرة وهوالعقل..)

ولكن عندما تقول صناعة اي وجود مادة أولية..

والمادة الاولية لكل صنع..هي العقل..

لتنتج فكرة .

أن تصنع آلة او جهاز او تبني بناية ليس بالأمر المعقد يمكن لك أن تحترف وتدرس وتمارس العمل وتجرب او أن تصنع إنسان آلي اصبح ممكناً ...لكن أن تصنع شخصية إنسان حقيقي ذو عقلٍ وقلب  ...امرٌ في غاية التعقيد

ليس المشكلة بالعقل والقلب تحديداً لكن بما يفكر بهِ العقل وما يشعر به القلب.

وأن تتحكم بشخصٍ آخر غيرك أمر مستحيل لكن أن تتحكم بنفسك وتحاول بناءها أمر طبيعي

لاشك بأن كل واحدٍ منّا يسعى لتحقيق طموحٍ او حلمٍ ما أو قد مر بتلك التجربة ..وكل تجربة  لها طريقين   " النجاح او الفشل"..

ستحاول في كل تجربة النجاح وكأن ذلك الهدف البسيط  هو تأسيس امبراطورية عظيمة..تحتاج لملك صارم في كل قرار ويتحمل المسؤلية  وكأن ذلك الحلم البسيط رعيته..يحتاج أن يبني كيانه على أفكار حكيمة اي أن يستمع لما يقول العقل والقلب وأن يعدل بينهما

ثم تمضي الايام وتقترب من تسديد الهدف وكل شيء على ما يرام مازلت تراعي كل خطوة مازلت تفكر بحكمة وقوة وعدل وفي اللحظة التي تحبس انفاسك لتسدد بها الهدف وفجأة..!!!!

فشلت في تسديده!!

في تلك اللحظة تقف منذهلاً  تسائل نفسك هل فشلت حقاً ؟ هل كان هناك اي خطأ ؟

مالذي حصل ؟ ثم تنهار تلك الامبراطورية والطموح ويلغى كيانك بكل بساطة لمجرد مضي جزءاً من الثانية بعد فشلك في تسديد الهدف ..ثم تصبح رؤيتك ضبابية بالفعل لأن الدمع قد اغرق عيونك ..  لكن مايجعلك تنظر مجدداً هو إجابة القدر لك قائلاً: لم استطع أن أرى ملكاً عظيماً يحكم مملكة بسيطة بل اردت أن تبني مملكة جديدة واعظم من التي سبقتها اي بطموحٍ جديد وحلمٍ جديد..

وكل مابنيته مسبقاً كان مجرد اساس لبناية ستصبح ناطحة سحاب في يوم ما..

لذا لاتظن إن القدر يظلمك لانه لايريد أن تصل الى ماتراه مستحيل بل سيصنع منك المستحيل ...!

ثم تدرك بعد ذلك إن في الحقيقة لايوجد طريق للنجاح وطريق للفشل ..

بل النجاح روما وكل الطرق تؤدي إليه.....




بقلم مها سعد فاضل

  • 15

  • مها سعد فاضل
    لي عقلٌ يتفَكّر و قلبٌ يفقه و ضميرٌ حَي و أصلٌ عَربيّ أكسَبَني فصاحةً على الفِطرةِ و قلمٌ ليس بيني وبينه بين حَرِيٌ أن أقول كاتبة ...
   نشر في 13 أكتوبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

لمى منذ 1 سنة
ما أروع استعاراتك، ولياقة كلماتك، وانسيابية تنقلاتك بين الفقرات...
كتبتِ فأبدعتِ بورك فيكِ.
0
مها سعد فاضل
انتِ الأروع أستاذة لمى تحياتي لشخصكِ الكريم أسعدني جدًا مرورِك
Dallash منذ 3 سنة
كالعادة حروفك تتألق ...احسنت
2
المسافر منذ 3 سنة
"يبقى القدر هو من يختار لك".
فلتهنأ عيوننا برجاحة عقلك وفطنتك فإنه معنى ظاهر في مبناه وغامض في معناه وقد ألمحت له في مقال البوصلة ان جاز لذلك المصطلح.
3
الصراع دائم منذ بدأ الخليقة بيننا و بين الأقدار المكتوبة ، حيث يخطأ الكثيرون عندما ينسبون معظم الاشياء الى القدر المكتوب و لا يعترفون أن حدوث ذلك أمر طبيعي ناتج عن أعمالنا و تصرفاتنا الغير مسؤولة و القرارات الغير ناضجة التي تؤدي بعضها بنا إلى التهلكة ، جميل جداً ما قرأت عن تقسيم الفئة العمرية للإنسان بين عمر خمسة و عشر سنوات حيث يبدأ فيها بصناعة ذاته و يعكس بداية تربيته البيتية التي غالبا ما تحدد سلوكه و تأثيره بالمجتمع أو تأثير المجتمع عليه ، الموضوع شيق جدا و يستحق الإطالة و كل منا له بصمة يجب أن يصنع منها كيان خاص به وبذاته و ليس بعيداً عن الآخرين ،،، تحية لصاحب القلم و طاب لي ما قرأت
2
North Thoughts. منذ 4 سنة
النجاح فلسفة لا يعرفها إلاّ الفاشلون.تحياتي
3
مها سعد فاضل
شكرًا لمروركم الكريم فعلاً من لايفشل لا يعرف معنى النجاح
>>>> منذ 4 سنة
مقال جميل. تحياتي لك
3
Dallash منذ 4 سنة
احسنت مقال رائع
3
حسن زمراوي
ماشاء الله على روعة الكلمات … اللهم بارك
أنا جديد بهذا المنبر، ولي عودة لمقالك الثر مرة أخرى ان شاء الله.

حسن زمراوي محمد
كولومبوس - ولاية أوهايو
الولايات المتحدة الامريكية

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا