لماذا الخوف من الموت - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا الخوف من الموت

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 20 يوليوز 2021 .

لماذا الخوف من الموت

..هيام فؤاد ضمرة..


من أكثر القضايا التي تثير الغرابة أولئك البشر الذين يعانون رهاب الخوف من الموت، فالموت حقيقة راسخة رسوخ النظام الخلقي في سنة الخلق تماما، فالموت قدر الخلق والحياة تمر على مراحلها الثلاث.. مرحلة التكوين والولادة، فما من مخلوق على سطح البسيطة إلا ويمر بحالة الولادة أو الخلق الوجودي، ثم مرحلة العيش طالت مدتها أو قصرت، وانتهاءا بالموت، نهاية حياة الدنيا التي تفترق فيها الروح عن الجسد الفراق الأبدي، فيبلى الجسد في باطن الأرض ويتحلل إلى عناصره الأولية، وتتحول الروح إلى برزخ مجهول غير مرئي ولا محسوس، مجهول الحالة والمكان، فعلمه في علم الخالق ليس من استدلال عليه لا من قريب ولا من بعيد، فهو عالم من معجزات الله بهذا الكون الشاسع المترامي الأطراف، لم يتوصل الانسان حتى الآن إلى كنهه أو مادته.

فالموت اختفاء أبدي من الحياة، لا عودة منه ولا اتصال خلاله، هو انتقال من حالة لحالة، ومن عالم محسوس معلوم لعالم خفي غير معلوم، حتى الكتب السماوية لم تمنح الإنسان ما يسبر سر حقيقته وآلية العيش فيه وعلى أي صورة من الحياة يكون، مليارات المليارات من البشر مرت عن هذا الكون، تكونت في رحم أنثى من التقاء الجنسين الذكر والأنثى عاشت ردحا من الزمن ثم انتهت بالموت وانتهى كل أثر لها، لم يتبقى منها غير جسد بلى تذاوب وتآكل تاركا كومة عظامه وبقايا شعره.

حالة الخوف من المجهول المبهم هي ما تجعل البعض يصابون برهاب الموت حتى درجة الإشراف على الموت ذاته، وقد يصابون بالعزلة والإكتئاب وشدة التعرق، وقد يتهالكون صحيا إذا ما فارق الحياة أحد معارفهم من قريب أو حتى من بعيد، فالإنسان مسكون بالفضول وحب المعرفة فأن تكون النهاية مبهمة فهذا يثير الخوف داخلة على درجات تتفاوت من شخص لآخر.

صدمات الفقد وما تتركه بالنفس من أحزان تترك في الغالب أثرها على العقل الباطن فتثير فيه حالة من فوضى المشاعر واضطرابها كاستجابة انفعالية مزعجة واستغراق بالتفكير في ماهية الموت، والقلق من مسألة الدفن بالتراب بمكان ضيق للغاية، والخوف من عودة الروح للجسد كما حصل في حالات كثيرة عاد الأموات بعدها للحياة ليعودوا يموتون خوفا واختناقا، وتعظم شعور العجز أمام ما يمكن أن يتعرض له الجسد بالأعماق، أوما تتعرض له الروح من حساب، وتعمق التساؤل لأي مكان تنتقل إليه الروح، وهل تحس الروح بالأحياء أم تنتهي علاقة هذا الإنسان بأهله وأحبائه روحا وجسداً.

والتفكير بأي حالة سيجابه الأهل فقدانه في حال موته، ولأي مصير سينتهون إليه بعده، واعتقاده أن أهله سيتضررون جدا بعد تغيبه، والاستغراق في التفكير ومواجهة وابل الأسئلة لا تني تتنزل عليه كالمطر بلا هوادة ، وتأخذ حيزا كبيرا من تفكيره بشكل يومي وربما بشكل مستمر، فيصاب بنوبات قلق وهلع وفزع محاولا الابتعاد عن أجواء حوادث الموت أو المرض الشديد خوفا الموت، وتتحول حالته للاكتئاب والشكوى من الدوخة وخفقان القلب وعدم انتظام ضرباته، وربما غثيان.

ومثل هذه الحالة يحتاج إلى مساعدة نفسية تعزز وجوده بالحياة وتعزز إيمانه بالله وإحسان الظن برب العزة والجلال سبحانه وتعالى، ومجرد أن يكون المرء طبيب نفسه يكفه ذلك لاسترجاع توازنه النفسي ونبذ الأفكار السلبية ونزعها كما تنزع الشوك من اليد

يقول الله تعالى " قل أعوذ بِرَبِ الناس، ملكِ الناس، إلهِ الناس، من شرِّ الوِسواس الخَناس، الذي يُوَسوِسُ في صُدورِ الناس، منَّ الجِنَةِ والناس"

فاكتب كل ما تخاف منه وما تشعر به مقابل ما تفكر به، وتحدى كل نقطة بذاتها حتى تتلمس علامات شفائك، واشغل نفسك بما تحب مزاولته مما يبعد تفكيرك عن الأشياء السلبية، وحارب انطوائيتك واختلط بمن ترتاح من الأهل والأصدقاء واخرج معهم بنزهات ترفيهية بريئة.

تحكم بأفكارك من خلال برمجة عقلك بالايجاب من الأفكار، ولا تستسلم لأوقات الفراغ، اشغل وقتك بأي شيء يجلب لك السعادة ويشغلك عن الاستسلام للأفكار السلبية.

اعتراف المريض بأنه مصاب بالوسواس هو نصف العلاج، لأنه سيسعى جاهدا لمعالجة نفسه والخروج من دوامة الخوف، لأن الله أرحم بعباده. 


  • 3

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 20 يوليوز 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا