النجاح ليس هو عدم الفشل
نشر في 14 ديسمبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
عندما تعتبر نفسك فاشلا في الوقت الذي يراك فيه الجميع في قمة النجاح فاعلم أنك في أول الطريق إليه
مثلي مثل أية شابة في مقتبل العمر , بعد حصولي على الشهادة الجامعية لم يشغل بالي شيء سوى كيف أحصل على وظيفة قارة ,وبما أننا في مجتمع عربي رسخ في أذهان الشباب أننا ندرس ,نتعلم ,نحصل على الشهادات لكي نحصل بالمقابل على الوظيفة التي ستخول لنا راتب يضمن لنا العيش الهنيء ,فأغلب الشباب أصبح يتخلى عن أحلامه من أجل الوظيفة
كانت أول علاقة أربطها مع الفشل عندما درست المعلوميات لمجرد أن كل من حولي نصحني بدراستها لأنه مجال رائج و مطلوب ,فدرستها و لم أحاول أن أدرس المجال الذي يستهويني. حصلت على شهادتي و بحث عن الوظيفة لأن كل من حولي يبحث عن عمل قار , عن الاستقرار ,و بهذا توطدت علاقتي أكثر مع الفشل,خضت غمار البحث عن الوظيفة و كنت موفقة للغاية ,بحيث استطعت إقناع اللجنة في أول مقابلة عمل أقوم بها و لأنني وثقت في نفسي و بقدراتي حصلت على الوظيفة ,فرحت كثيرا بهذا النجاح الذي لم أكن أعلم ساعاتها أنه فاشل لأنني كنت مستمتعة بالتجربة الفريدة و الحياة الجديدة التي أنستني طموحي فابتعد عني و أنستني أحلامي فتخلت عني
بدأ روتين العمل اليومي و غصت في مشاكله, تكررت الأيام ثم الشهور و أصبحت السنين تشبه بعضها, بدأت أختنق في مكتبي و أنا أقوم بنفس الأعمال الموكلة إلي كل يوم, و أنا أعتاد نفس الطريق, وأنا ألقي السلام على نفس الأشخاص كل صباح
كنت دائما أحس بشيء ينقصني , لم أستوعب ساعاتها أنه هناك شيء بداخلنا يضل متذكرا كل أحلامنا و أمالنا و طموحاتنا التي نتناساها مع الأيام
ماذا أفعل هنا؟ هذا ليس مكاني, أين طموحي؟ ماذا حققت في حياتي؟ ماذا أضفت لهذا المجتمع ؟لا شيء, هل خلقت لأذهب إلى وظيفة و أنام ثم أقضي ما تبقى من اليوم في الراحة وشراء المتطلبات وتناول الطعام؟ أسئلة كثيرة طرحتها على نفسي و النتيجة كانت أنني لست راضية , أنني إنسانة فاشلة تركت الأيام و المفروض و المتداول يتحكم بمصيرها , أنني إنسانة فاشلة نسيت طموحها و تركت أحلامها جانبا في خانة المتمنيات , كنت فاشلة في كل مرة شاهدت فيها شخصيات متألقة , غيروا شيئا في المجتمع و أعجبت بإصرارهم و تمنيت لو أتيحت لي الفرصة مثلهم ,يا لغبائي و أنا لم أسع وراء حلمي و كنت أنتظر المعجزة أن تتحقق و أن تأتي الفرصة لغاية عندي .أكبر فشل عشته هو عندما وجدت نفسي في مكاني لم أتحرك و أنا في ريعان شبابي , في الفترة التي من المفترض أن أكون في قمة النجاح و تحقيق الأهداف و العمل على انجازات معينة , وجدت نفسي في دائرة الراحة , في خمول و كسل و استسلام , صحيح أنني لم أتراجع و لكنني لم أخطوا و لو خطوة واحدة إلى الأمام , لم أرسب و لكنني لم أنجح , لم أخذل الآخرين و لكنني لم أجعلهم يفتخرون بي , لم أتميز ....كانت هذه أقوى صفعة أخذتها في حياتي , لأستفيق من سباتي العميق و أعمل على تحقيق حلمي, لأفتح ذارعتي للأمل و أفك سراح طموحي
فشلي علمني أن النجاح ليس هو الحصول على وظيفة و راتب , فشلي علمني أن النجاح ليس هو عدم الفشل , كان من الضروري أن أفشل لكي أعلم أن النجاح هو أن تحارب من أجل حلمك , أن تتخطى كل الصعاب و التحديات لتحقيق ذاتك , أن تلبي نداء طموحك , أن تصر على الوصول إليه مهما كان سقفه عاليا , كل شخص يستطيع تعريف النجاح بطريقة مختلفة و النظر إليه من زاوية معينة , ولكن الأهم من إيجاد تعريف مناسب للنجاح هو الوصول إليه
-
فاطنة الربولي Rabouli Fatnaفاطنة الربولي صحفية ومتخصصة في إنتاج المضامين السمعية والبصرية والرقمية, مدونة مغربية
التعليقات
وفي الاخير ارجع للبدء واقول لا يصح الا الصحيح
مقال جميل، متمنياتي لك بالتوفيق