رآني أحد الأصدقاء في منامه مقطوع العضدين وسأل الناس عن حالتي فقالوا: سيتزوج.

بحثت في تأويل الرؤيا فوجدت أن قطع العضد معناه موت الأخ .. سبحان الله معنى لم ألتفت إليه ولم أفهمه إلا بعد وقوع المصاب !

هل ﺗﺴﺘﺸﻌﺮ ﻣﻌﻲ ﻋﻤﻖ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:

" ﺳﻨﺸﺪ ﻋﻀﺪﻙ ﺑﺄﺧﻴﻚ " ..

ﺇﻥَّ ﺍﻟﻌﻀﺪ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻀﻼﺕ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻟﻠﻄﺮﻑ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺍﻟﻘﻮﺓ ، ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻡ ﺑﺮﻣﺰ ﻟﻠﻘﻮﺓ ، ﻓﻴﺄﺗﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺳﺘُﺸﺪ ﺑﺎﻷﺥ.

تدبر هذا العطف واللطف والحنان في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام لما رأى أخاه الأصغر بعد طول غياب :

ﺁﻭَﻯ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺃَﺧَﺎﻩ

تكاد تشعر بهددة الشوق وطمأنينة الضمة وروعة النظرة ودفء الحضن ودمعة الشفقة وفرحة اللقاء وسعادة الوصل ، بل تتلمس هذا الإيواء اللطيف في قول بعض أهل التفسير أنه آواه بالمبيت في حجرته ونام بجواره على فراشه وجعل يشمه ويضمه إلى صدره طوال الليل ويقول له:

ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﻧَﺎ ﺃَﺧُﻮﻙَ ﻓَﻼ ﺗَﺒْﺘَﺌِﺲْ ﺑِﻤَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ

كأنك تسمع يوسف عليه السلام يقول لأخيه بصوت متهدج يختلط فيه ذكرى الفراق مع حرارة اللقاء..قد جئت لأعوضك عن سنوات البؤس والشقاء والحزن، فمن اليوم سأسعدك بكل ما أستطيع؛ سأكون لك الظهير والنصير على متاعب الحياة ﻷنك أخي الأصغر؛ وإن رابطة الدم لا تنفك أبدا حتى بالموت، وها قد بدأنا معا حياة جديدة لا نفترق فيها مرة أخرى.. سنكون دائما معا ..نتقاسم الأنفاس واللحظات ونواجه الأقدار سويا بحلوها ومرها؛ بحيث تكون أنت محور اهتماماتي في الدنيا بعد إرضاء الله عز وجل.

رب اغفر لي وﻷخي وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين