كنت أنتظر حافلة الثامنة مساء حتى رأيت ذلك الفتى و هو يحمل لوحاته و كان يرتدي بذلة رسمية تشبه تماماً تلك التي أرتديها و لكن هو في حالة أكثر إنهاكاً كانت ربطة العنق مفككة بعض الشيء ذلك كله لم يكن ليلفت نظري لولا علامات اليأس و الغضب التي تعلو وجهه فتمهلت قليلاً و أنا أصعد الحافلة حتى يلحق بنا و قد كان بالفعل ثم ركبنا سوياً لأخبره بعد صمتٍ قليل أكان ذلك لقاء عمل ؟ ليجيبني نعم كان كذلك ثم طلبت منه أن يريني بعضاً من لوحاته فابتلعت غصتي و أنا أراها و أكملت بهدوء :"ماذا تشعر الآن؟ "رأيت الحنق في عينيه و هو يخبرني و لكني أستحق ،أستحق أن أتوظف عندهم و أن يرى أحدهم لوحاتي تلك ثم لا يلبث حتى يقيمها بقلبه لقد حركت قلبي كل لوحة منهم ألا أستحق أنا و ورقي و علبة الألوان أن يصفق أحدهم لنا ؟ توقفت مسرعاً عقب كلماته ثم قلت بصوتٍ عالٍ يا سادة إن تلك اللوحات الرائعة تعود لذلك الشاب سلمت أنامله فهلا صفقنا له بحرارة و شكرنا جهده ؟ ثم ما لبثت ثوانٍ حتى علت أصوات التصفيق و المديح العالي لذلك الشاب ثم أخبرته أن هذا هو بيتي و أنا أشير بإصبعي من الزجاج و أنه إذا احتجت شيئاً أو إذا لم تحتج فدعني أعلم بذلك و هاك رقمي مرَّت ٧ أشهر حتى جاءني ذلك الشاب إلى باب البيت يطرقه بعد أن سأل عني في الشارع حيث أشرت له و ذكرني بنفسه ثم أخبرني و نحن نجلس على كرسيين في الشارع أمام المنزل كما طلب هو و أراني أنه أصبح يعلِّم الناس كيف يرسمون و انتقل لتزيين الأنفاق و الشوارع بالرسومات الرائعة و كان يكتب رقمه بجانب كل رسمة و معه حسابه الخاص حتى جاءه وقت لم يعد يستطع أن يوازن بين الأعمال الكثيرة و الاتصالات التي تأتيه دوماً و أخبرني جملة لازالت عالقة في قلبي حتى الآن :" لو لم ألتقك في ذلك اليوم و عدت بائساً حزيناً ما فعلت الذي فعلت " جئتك لأخبرك أنني بخير و انقطعت عنك لكي أعود قوياً شكراً لأنك أبطأت عند باب الحفلة .
-
فاطمةأُدعى فاطمة ، فتاة في مقتبل العمر ، أتخبط بين الأشياء و بعضها، أكتب من باب الترويح عن النفس لكنني لا أستطيع أن أجزم أن ما ستجده لدي احترافي و مبهر ، لكنه صادقٌ و هذا جُلّ ما أعرفه.🤍