۳ مسببات للتغيير - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

۳ مسببات للتغيير

  نشر في 13 ديسمبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

قد قرأت ذات مرة أن هناك ۳ مُسببات رئيسية للتغيير . و أنه ما من إنسان طرأ عليه تغيير بشكل ملحوظ إلا و قد مر بأحدهم أو كلهم ، ألا و هي : الغُربة، المرض، الفقد .

طبعاً توجد مُسببات أخرى للتغيير و تختلف من شخص إلى آخر ، و ليس بالضرورة أن تقتصر فقط على هؤلاء الثلاثة ؛ لأن كل واحد منا له طريق خاص به منفرد عن من حوله .

كل روح على هذه الأرض تمشي كما قدّر الله لها ذلك ، تتأثر و تتجاوب، تُحب و تبغض، تفرح و تحزن، تتساءل و تُفكر و تشعر بكل ما كتبه الله في رحلتها ، و طبعاً بمواقيت إلاهية دقيقة جداً لا نعلم قيمتها إلا عند حدوث أمرٍ ما يجعلنا ندرك ذلك .

بالنسبة لي قد شهدت صحة المقولة التي قرأتها في حياتي و حياة من حولي ، و كان الأمر غريباً في البداية و لكن مع الوقت فهمت جيداً ما تعنيه ، و استوعبت بأن التغيير أمر حتمي لنا جميعاً كبشر ، فنحن نكبر كل يوم و تتجدد خلايانا كل يوم .

"التغيير هو ما يعطي الإنسان إنسانيته، و يضفي بالتالي على قصته حلاوة و إثارة، و بدونه تتبلّد حياته و يسقط في مصيدة الجمود و اليأس ." - حازم البيلاوي

سأشرح لكم الآن كيفية تأثير كل من هذه المُسببات علينا :

* الغُربة 

السفر و التَّغرب من بلد إلى آخر ، من منطقة لأخرى ، من قارة إلى قارة أمر في غاية الأهمية للتغيير ، لأنك أنت الآن تركت المعتاد و ذهبت إلى المُتغير و في خلال رحلة الذهاب قد تمر بمواقف و أحداث تؤثر عليك لم تكن على البال بل هي من افتعال اللحظة التي كنت شاهداً عليها ، فتلتقي بشعب مختلف عنك و عن عاداتك و تقاليدك و حتى من الممكن لغتك ، فتكون في وضع متجدد بشكل مستمر و مع الوقت تبدأ بالاعتياد و المحاكاة حتى يصبح هذا التغيير جزأ منك .

فقد تتغير طريقة التفكير و النظرة للحياة ، و كثير من الأمور حتى وإن لم يلاحظها الفرد على نفسه و لكن عند عودة الشخص من سفره من كان معه يلاحظ ، و ينتبه على التصرفات و الأفعال ، و بذلك يكون التغيير حدث بشكل لا إرادي للشخص .

قد لاحظت هذا النوع من التغيير على أخي عندما ذهب ليطلب العلم من بلد آخر ، عندما عاد لاحظنا جميعاً تغيُّراً كبيراً في شخصيته و طريقة تفكيره و نظرته للحياة .

"تغرَّب عن الأوطان في طلب العُلى و سافر ، ففي الأسفار خمس فوائد : تفرج هم، و اكتساب معيشة، و علم، و آداب، و صُحبة ماجد ." - الإمام الشافعي

* المرض

عندما نصاب بمرضٍ ما سواء كانت من الأمراض الطفيفة أو التي قد تؤدي بحياة الإنسان أو تلك التي تسمى مُزمنة كل ما نفكر به في شدة المرض هو متى اليوم الذي نُشفى منه و نكون بكامل عافيتنا ، من غير الشعور بالعلّة الجسدية و الألم .

فالمرض يصيبنا بتقدير من الله و يذهب عنا بأمره ، و نغفل أحياناً عن إدراك أن هذا المرض بكل مافيه من عوارض نشعر بها تطهير لذنوبنا و محو لسيئاتنا ، و أعلم أن وقت شدة المرض نذكره و ندعوه بإلحاح و بكاء لأننا نرغب بالراحة و لو قليلاً ، و نمارس بعضٌ من النفاق خاصة إذا كُنا غير قريبين من الله بأفعالنا و أرواحنا ، و نكون مثل الذين يتعاملون بالمصلحة ، وقت الشدة يعرفون الله و وقت الرخاء ليس على بالهم .

بالنسبة لي قد مررت بتجربة مرضية غير خطيرة الحمدلله و لكن تعلمت منها الكثير ، تعلمت منها قيم الأمور، كقيمة الصحة، العافية، الأكل المفيد، الصلاة، قراءة القرآن، النوم .. الحياة بشكل عام ؛ بكل مافيها من تفاصيل صغيرة و كبيرة .

تقربت من الله كثيراً تلك الفترة ، و استشعرت كلماته في الآيات التي قرأتها ، كنت ضعيفة جداً و مكسورة من شدة الألم و الوحدة رغم أني لم أكن وحيدة بل برفقة أهلي ؛ لكن أدركت أن هناك دروب لابد أن نسير بها وحدنا و لا يمكن لأحد أن يرافقنا فيها .

"ما يُصيب المؤمن من وَصب و لا هم و لا حُزن و لا أذى، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفّر الله بها عن خطاياه ." - النبي محمد ﷺ

لذلك علينا أن نكون أكثر قرباً من الله بما أننا نطلب منه الصحة و العافية و كثير من الأمور و الأهم أن نكون أقرب إليه حُبّاً و امتناناً لسلامة أرواحنا ، علينا أن نستوعب فكرة أننا كلما كنا أقرب إليه كُنا في صحة و سعادة أكثر ، نفسية و جسدية و روحية .

* الفقد

الموت سُنّة حتمية للإنسان ، فهو نهاية الواقع الفاني و بداية الحياة الخالدة ..

حقيقة لا يمكن الهرب منها ولابد من مواجهتها و في إدراكها نعمة ، نعمة الحياة ، بأن الغد ليس مضمون و كل ما يوجد هو الآن ، هذه اللحظة .. 

و يا لقيمة هذه اللحظة و غلاوتها !

أعلم بأن الموت ليس سهلاً أبداً ، بل هو أحد أصعب الامتحانات التي يواجهها الإنسان في حياته و تُأثر فيه بشكل كبير ، كبير جداً لدرجة لا يمكن وصفها بالكلمات ، فقط من عاش الشعور يستطيع أن يفهم حِدّة الألم و صعوبته .

 "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ." - سورة الملك ( آية ۲ )

لقد رأيت أثر موت شخص عزيز على من حولي ، و كم غيّرهم هذا الأمر مما كانوا عليه ، و كم كان الفراق أمراً عسيراً على قلوبهم و أرواحهم ، و لكن مشيئة الله فوق كل شيء .

فعند فقد الإنسان شخصاً عزيزاً عليه تتزاحم عليه المشاعر السلبية بشتى أنواعها و تختلف كثافة كل شعور لديه ، فأسوء المشاعر التي قد تأكله هي الندم ، فاللهم أبعده عنّا ، و عند تزاحمها يعيش فترة صعبة و تفقد الحياة طعمها و لذتها و يصيب الإنسان جمود و ركود ، جلّ ما يرغبه هو أن تتوقف الحياة و الكرة الأرضيه عن الدوران و يتقوقع في شرنقته و لا يخرج . و لكن .. مع الوقت يبدأ يخف الزحام بالمشاعر و تنقشع خيوط أشعة الشمس داخله و مع التعبير عنها و عدم كبتها يبدأ يشعر بأنه بخير و أن الحياة مستمرة و ستستمر لأن الله معنا .

ففي تلك الفترة الصعبة لا تسمح لنفسك بأن ترى فقط ماهو سيء في الحياة و تبرر لأفعالك السيئة تجاه الآخرين و تجاه نفسك أيضا بأن هذا طبيعي ؛ لأنه ليس كذلك .

ليس من الطبيعي بأن تتغير للأسوء و ليس للأحسن ؛ لأنه يا عزيزي بكل بساطة هو اختيار .. فعليك أن تكون مُنصف و عادل تجاه نفسك بالأهم ثم الآخرين .

اطرد كل ما يعكر عليك صفو حياتك و خاصة من نفسك ، و تقرّب إلى الله .. ستجد السعاة و الرضا و التسليم الذي تحتاجه حتى تكون إنسان قنوع بقدرك بكل ما فيه .

فأنا ممتنة إلى الله على كل ما واجهته و شعرت به ، على أصغر الأمور و أكبرها ، و كل ما أرغب به حياة كما يُحب و يرضى لي و لكم . 




   


  • 1

  • دلال
    خلقت لأسعى و اخترت أن أجتهد في مسعاي و مؤمنة بكل ما أنزله ربي . محبة و عاشقة للفن
   نشر في 13 ديسمبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا