لعل الحياة على المريخ أفضل !
أود السفر إلى المريخ والعيش هناك ، ففي مخيلتي أن المريخ سيكون مكاناً أفضل بالنسبة إليّ ، لم أره قبل ذلك بالتأكيد سوى في صورة يظهر فيها بعض الضخور الحمراء ولا أعلم سوى أن درجة الحرارة مرتفعة بعض الشيء !
ولكن مازلت أفكّر مراراً بالعيش هناك أتدري لماذا ؟
المكان هناك خالٍ من البشر ، وعندما يخلو مكان من البشر أحسبه من أفضل الأماكن على الإطلاق ، تعيش وحيداً وتموت وحيدا!
ربما يعتريك الشك والاضطراب لما هذا التفكير!
سأخبرك ، ربما هذا التفكير قد علا سيطرته على عقلي مؤخراً ، عندما نضج عقلي ونضجت معه بصيرتي التي كانت تخفي عني الكثير سابقاً ،كانت تخفي عني بشاعة المنظر مقدرة صغر سني فلم تشأ أن تفجعني ، فانتظرت حتى أنضج قليلاً ، لكي أتمكن من تحمّل بشاعته !
نعم لقد أخفت عني بشاعة البشر ، أخفت عني كيف أن الله قد نزع من قلوب بعضهم الرحمة.
أعتقد أنها ستكون حياة خالية من أناس يتطفلون ويثرثرون بتلك الكلمات التي يتذمرون بها من طريقة عيشك وملابسك ومنهاجك !
ستكون خالية من جميع الأحقاد والضغائن!
ستكون خالية من الكبر والخيلاء وفرق الطبقيات هذا والعنصرية ..
أعتقد أني سأعيش في سلامٍ بعيداً عن صخب البشر وعنفوانيتهم ، بعيداً عن أحقاد ونفوس أدمنت الشر ولا ترى غيره .
بعيداً عن أناس كنت لهم ملجأً وحينما سمحت لهم الفرصة أصبحوا مقراً لقصف ملاجئهم دون أدنى حنينٍ للماضي .
بعيداً كل البعد عن التفكير الليلي الذي يكاد يودي بروحك إلى بارئِها !
بعيداً عن تفكير دام ليال طوال كان أو سيكون سببه أحدٌ من البشر !
بعيداً عن نفاق وضحكاتٍ تعالت حاملة في طياتها الكثير من الكراهية ، بعيداً عن علاقات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب !
لعل المريخ خالٍ من الغيبة والنميمة التي تأكل قلوب البشر ، خالٍ من مجتمعٍ يفرض عليك ما لا يتحملّه بشر !
العيش مع البشر وأختص في مثل زماننا كما لو أنك تعيش في غابةً منهاجها "البقاء للأقوى"!
منهاجها "نفسي ، نفسي "!
تباً لمثل هؤلاء بشر ! ، لا أعمم بالتأكيد ولكن تلك الصفة الغالبة الآن .
أريد أن أعيش على المريخ حياة هانئة تخلو من صفصقات البشر وتلك الأفكار المتضعضعة ، أريد أن أعتزل هذا الكوكب الذي لو استطعت النظر إليه ببصيرتك لوجدت الكراهية تجسدت بيننا ، ووجدت القسوة والجفاء رفقاءنا ، وستسطيع شمّ الروائح الكريهة للغل والحقد الفواحين في كل ضواحي الكوكب!
بشر بأجسادنا ولكن قلوبنا بقسوة الحجر ، فهذا يتسبب بكسر قلب أخاه ولا يكلف نفسه أدنى حوار للاعتذار ، ما الذي يمنعك !
كبريائك المصطنع الزائف ،رباه!
وآخر يعلم أن جاره يبيت وبطنه تعتصر جوعاً وأخر يُقتل ويُشرد ولا يحرك ساكناً !
وآخر يعصف بقلبٍ نقي .
وثانٍ يبدي علامات الإعجاب بنفسه عليك كونه أعلى درجة منك علماً ، "صدقني لو كان عقلك قد وعي معنى العلم لما تفاخرت واعترفت بجهلك "!
ما فائدة ذلك اللقب الذي تضعه قُبيل اسمك ما الغاية من أن تتغنى جهاراً بإنجازاتك !
ألقاب تأكل تواضع المرء ، بل تجعل الكِبر يتسلل إليها حتى يتملكك غرور اللقب .
أرأيت كيف أن تلك الجمل مبعثرة إلى حد يشعرك بالاختناق ؟
أرأيت كيف أن تلك الجمل القصيرة المرصوصة الواحدة تلو الأخرى والتي تعبر عن جزء صغيرٍ مما نقابله يومياً تجلب للرأس الألم!
ما كل هذه الضجة !
أريد الهدوء والسكينة ،أريد اعتزال البشر والابتعاد عنهم، أريد أن أعيش على المريخ فلعل الحياة أفضل ...!
-
Maryam Tahaطالبة بكلية الطب ، أهوى الكتابة شعراً ونثراً ، لي آرائي الخاصة التي أحب أن أبرزها للعيان بشكل بلاغي ..
التعليقات
دخلت الموقع الليلة و اول نية لي فيه هو أن ارى مقالتك و شجاعتك الجديدة .
ماذا اقول يا ترى ؟
قبل ساعات بالضبط كنت افكر اعلي أن أغادر كوكب الارض لانني لستُ ضمن المقاييس التي يريده الناس ، ولست وفق الصورة التي تشكلها لنا الحياة في وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي..
عزيزتي لقد سكبت روحك و حزنك في هذه التنهيدة الطويلة بشكل عفوية و صادقة وهذا الذي يجعلني اعود لأقرأ لك ..
انت مبدعة بطريقة فطرية ... انتبهي من لصوص الأحلام و أصحاب النصائح الفارطة
ثقي بنفسك و بشكلك و بالثياب التي تريدنها ..
ابقي قدميك ثابتة على الأرض فهي لك انت مثلما هي لهم .
فقط تخيلي لو أن كوكب الأرض سوف يخلو منك و من يفكر مثلك !؟ ماذا حينها يا فتاة ؟
هناك من يريدنا و من يحتاجنا ومن سوف يفهمنا و يقدرنا ، وهناك في الحياة من يستحق الدفاع عنه بشراسة .
تحياتي لك من القلب و العقل يا مريم الصغيرة
(إن أخطأت في كتابة اسمك فتقبلي اعتذاري)
دمت بعافية على الارض