إفلات الحبل
بعد الشد والجذب لفترات طويلة ، تبدأ يدك بإيلامك خاصة اذا كنت الشخص الوحيد الذي يصمم على التمسك بالحبل للنهاية .. وهنا يجب أن يبدأ عقلك بالعمل :)
نشر في 02 ديسمبر 2016 .
إذا أفلته أولاً : ستوصف بالخيانة وبعدم قدرتك على الاحتمال للنهاية !
إذا لم تفلته : لن يهتم أحد لألمك ومعاناتك، وستظل أسيراً مكبلاً لخوفك من الخسارة.
فما العمل ؟ سأقص عليك قصة :
كنت صغيرة جداً عندما أعطتني والدتي اشارة الموافقة بالذهاب مع جدي للمطعم الذي يبعد عنا بشارع واحد طويل لإحضار طعام الإفطار للعائلة، كانت فرحتي وقتها لا توصف فأخيراً قد اعترفت أمي بقدرتي الرهيبة على تحمل المسئولية وبأنني كبرت فقد بلغت من العمر 7 سنوات وها هي قد سمحت لي بالذهاب للخارج ! مرحى يا لها من فرحة !
كان جدي قد فقد نعمة الإبصار منذ زمن، لذا كنت المسئولة عن قيادتي للطريق حتى المطعم، ممسكة بيد جدي في يدي اليمنى وباليد اليسرى أحمل طبقاً ليضع صاحب المطعم لي فيه ( الفول ) حيث لم يكن هناك وقتها أكياس وحقائب أو ما شابه .
عندما وصلنا كنت سعيدة جداً باعطاء صاحب المطعم الاموال والطبق، ولذروة السعادة عندما أعطاني الطبق وهو ملئ من الطعام . ولكني لم أعلم أن هنا قد بدأت مشكلتي الحقيقية .
كنت أحتاج لكلتا يداي لامساك الطبق، فكيف سأمسك بيد جدي لأعيده إلى المنزل. شعرت بأنني لست على القدر الكافي من المسئولية وبأنني لن أستطيع أداء المهمة التي كلفتني بها أمي كاملة وبأنها - عندما نصل - لن تسمح لي بالذهاب للخارج مرة أخرى .
وبدأت السيناريوهات المخيفة تدور برأسي عما سيحدث لي . بدأت بحمل الطبق بكلتا يداي وجعلت جدي يضع يده على كتفي وانا أحاول جاهدة أن أقوده للطريق بينما أحرص ألا يسقط شئ من الطبق أو ألا اسقط انا نفسي على الأرض لأنني منتبهة للطبق ولجدي لا للطريق ، كانت العشر دقائق تمر كأنها دهرُُ كامل ملئ بالخوف والرجاء والانتباه والعذاب المقيت والرغبة في انتهاء الوقت بسرعة والوصول إلى البيت بسلام.
وعندما وصلت للمنزل بدأت بالبكاء بشدة لما شعرت به من ضغط نفسي !
عندما كبرت وجدت أن هذا الموقف يتكرر لي على مدى الاثنا وعشرون سنة التي قضيتها على وجه الأرض . أرتبط بشخصية ما عاطفياً سواء من العائلة والأقارب والأصدقاء أو في المجمل جميع علاقاتي الاجتماعية، أجد بعضها قد بدأ بالتحول إلى منعطف صعب فذلك الشريك لا يراني ويجب علي أن أنتبه لعلاقتنا وأتمسك بها إلى أبعد مدى بينما هو كالأعمى - مع الفارق بينه وبين جدي الذي كان يحاول مساعدتي - لا يريد أن يفعل أي شئ للمساعدة أو أن يشعر بواجبه في تلك العلاقة لضمان استمراريتها بحب وأمان ، وإذا قررتُ التوقف في منتصف الطريق سأُوصَف بالاهمال وعدم المسئولية وبأنني السبب في دمار هذه العلاقة لقلة صبري، بالرغم من أنه لا يعلم كم عانيت لنستمر وكم شعرت بالألم والضغط لتجديفي بالقارب وحدي دون مساعدة أو على الأقل مشاركة .
لكني توصلت من خبرتي الضئيلة أنه : لا مانع من إفلات الحبل ، لن يهتم أحد إذا تأذيت نفسياً لأنه لا أحد - حرفياً لا أحد - يراك من الداخل . أنت الوحيد الذي تعلم مدى قدرة احتمالك وصبرك ، هناك العديد من البشر المتعاونين الذين يشعرون بالمسئولية تجاه شركائهم ويدفعون العلاقة إلى النجاح أياً كان نوعها وأياً كانت الصعوبات التي تواجهكم فابحثوا عنهم فالدنيا لن تنتهِ بالنسبة لكم إذا ما حاولتم . لا تحملوا أنفسكم فوق طاقتها فالخاسر الوحيد في النهاية لن يكون سواكم.
كونوا أقوياء، اتخذوا قراراً، وما الدنيا ساعة فأحسنوا استغلالها مع الأشخاص الصحيحين ، قِفوا بجانبكم :)
-
داليا هانيلست كاتبة ، فقط أوظف ما تعلمته في تحويل مشاعري لكلمات لعلها تفيد أحداً أو تمس روح آخر أو تترك أثراً طيباً ، وتنقلني من عناء التفكير لعناء الكتابة واختيار الكلمات والأخير أفضل بكثير :)