عندما كنت صغيرة كنت اتظاهر بالصوم امام اهلي واقاربي لأحظى منهم بكلمات الاعجاب والمديح ....وكلما جاء عندنا احد كانت امي تقول بكل فخر ( ابنتي الصغيرة صامت رمضان كله ) وتبدأ كلمات الاعجاب تنهال علي ( ماشاءالله سبقت الكبار ) ...لن انسى ماحييت ذالك الموقف وكأنه امامي الان وذلك الشعور الذي كان ينتابني ...صحيح انني كنت اشعر ببعض السعادة حينها ولكنني عندما كنت أخلد الى النوم كنت أبكي وبشدة لانني كذبت على امي وعلى من حولي وكنت اكره نفسي حينها وكل ليلة كنت اعاهد نفسي انني لن اكذب ثانيةً ولكني اعود وأكرر نفس الامر في اليوم التالي ...وقبل يوم العيد كانت امي تسعى لتشتري لنا ثياب العيد ...انا ولا مرة طلبت منها ان تشتري لي ثياب العيد لاني كنت اعلم اني لا استحق ذلك وامي تقول ( ابنتي فتاة قنوعة لاتطلب شئ ) ولكن الحقيقة انني فعلاً كنت اخجل من نفسي ان أفرح بالعيد الذي هو فرحة الصائمين وليس المفطرين ...
وبعد ان كبرت وبدأت أحفظ القرآن الكريم وصلت الى سورة ال عمران والى الاية الكريمة ( لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
كنت اردد هذه الاية وقلبي يرتجف ويرتجف والى اليوم كلما قرأتها تذكرت كل المواقف في حياتي التي حاولت فيها ان انال الاعجاب والمديح على شئ لم افعله وشعرت بخوف من الله ...ألهذه الدرجة هذا الامر مذمومٌ عنده سبحانه وتعالى فيُنزِل به قرآناً يُتلى ويهدد فاعله بالعذاب الاليم !!!!!
كم من المواقف والمرات التي نسعى فيها لننسب نجاحاً ما الى انفسنا ونتباهى به امام الاخرين دون ان ندرك اننا بذلك نقع في غضب الله ...حتى في ابسط امور حياتنا ...
الانسان المتدين هو شخصٌ يخاف الله في سره قبل علانيته ويراقب نواياه قبل ان يراقب تصرفاته ويسعى لإصلاح باطنه قبل اصلاح ظاهره ...
كلما تهيأ لي انني اقترب من اصلاح نفسي كلما تكشفت لي اشياء في داخلي قد تردي بي دون ان ادري ...وكلما قلت قد وصلت اجد نفسي مازلت في بداية الطريق وارى كل من حولي افضل مني وأرفع شأناً عند الله مني ...غبي من يظن ان الدين جلبابٌ نلبسه او قرآنٌ نحفظه او بيتٌ نطوف حوله ...الدين اعمق من ذلك بكثير ..الدين خوفٌ وورعٌ من الله تعالى يسكن قلوبنا ويحكم افعالنا ونوايانا ...
كونوا صادقين مع انفسكم ولاتخدعوها وتنخدعوا بها ورمضان فرصتنا لنتعرف على انفسنا ونكشف حقيقتها ...أعانني الله واياكم على اصلاح وتهذيب انفسنا وضمائرنا بما يرضيه ويرضى به عنا ....
قوموا الى سحوركم يرحمنا ويرحمكم الله ...
ام حبيب الله لينا
-
لينا عبدالله نجمةكاتبة حرة...
التعليقات
رااائع يا لينا... وكأنني أقرأ هذه الآية الكريمة لأول مرة.... جميل جدا اسلوبك في السرد.
"كلما تهيأ لي انني اقترب من اصلاح نفسي كلما تكشفت لي اشياء في داخلي قد تردي بي دون ان ادري ...وكلما قلت قد وصلت اجد نفسي مازلت في بداية الطريق...لدين اعمق من ذلك بكثير ..الدين خوفٌ وورعٌ من الله تعالى يسكن قلوبنا ويحكم افعالنا ونوايانا""