كن لنفسك النور الذي يضيء بشعاعه غاسق الظلام الدامس . فلا شيء أثقل على المرء من أوزار اليأس ، وانطفاء جذوة الروح حتى يخبو وهجها في داخله شيئا فشيئا .
فإني نظرت في أعماق نفسي التي تأن من مرارة الحسرة ، وهي تحّن إلى طموحها كما تحّن الخلوج على فصيلها الذي تخطّفته يد المنون .
فماذا اصابني !! لا أدري ولكن لا عزاء لي , وليس ثمة ملجأ إلا الخضوع إلى إرادة خالقي . وإني ألحظ نفسي وهي خاوية على عروشها من كل رغبة تدفعها إلى مجابهة الحياة ، وتمنعها من الخوض في معتركاتها بالعزيمة الراسخة ، وبالثبات الشامخ كما كان منها في سالف أيامي.
لا أدري مالذي يخفيه لي القدر الرحيم ! وهو يزج على قلبي كل هذا العناء والألم ! فكأن الأيام تأخذ بمجامع جسدي وتهزني هزاً عنيفاً لتسقط مني كل ذرة تراب اوثقت التصاقها بي وهي لا تنتمي إلى حقيقتي الأزلية ، ولا تتماهى مع عوالم روحي الغيبية .
لا أدري ! حقاً لا أدري هل كان الحزن يتناسل ثم لا يجد غير قلبي موطناً لحشوده الكاسحة ، وكأنه يعلم بأن ذلك القلب الكبير اضحى مرتعاً يلهو به صغاره الذين لا يفتأون عن الشقاوة واللعب والعبث .
لا أدري ! من ألقى بقلبي في غيابت الجب ! وما رميت لهم إلا الورد الممزوج بحمرة الشفق الذي رماه الليل بسهامه ، ثم ساح دمه ينزف على صفحات المغيب بلونه الأحمر القاني . وما نثرت في طريقهم غير الحب الخالص ، وجادت لهم روحي بالعطاء سماحة وبرداً وسلاما .
لا أدري أيها المجهول القادم من عالم الغيوب ! فما زالت نبضات كلماتك تشعل قناديل الأمل في عيني المظلمة لأنها أتت تتهادى من وحي الروح لا من شهوة القلم .
لا أدري أيها الزمن ! هل بانت بعيني تجاعيد وجهك وقد حملتني معك إلى عالمك السرمد . فهلا أشفقت على مثلي وما أزال في عنفوان شبابي أمتلأ بالطموح الجامح !!؟ ولكني مقيّد في اغلال سطوتك في سجن السكون .
-
المسافريتألم الإنسان بالوهم اكثر مما يتألم بالحقيقة .