كثيرون هم المنهكون من قسوة عالم ما عاد ينظر إلى موجوع أو يواسيه ،كثيرون ما فتئوا يتحدثون ويحوقلون وتارة يلعنون عالما صار مخضبا بدماء ودموع ،وكثيرون قرروا العزلة كي لا تثقب أرواحهم أكثر ؛كي لا تحرقهم نيران السوء التي صار البعض ينفثها نفثا ..
لأمد ظللت أقلب وجهي هنا وهناك ،أرى قدر السوء الذي صار يخيم على كل الأمور ويلقي بظلاله على البشر ،ذاك يكذب وهذا يغش ومن ينافق ،وآخر يعيب ،ومن لا يعنيه إلا أمره وأعظم منهم أؤلئك الذين يرتعون على دموع غيرهم وربما دماؤهم !!
كغيري ربما أصابني شيئا من صدمة أو اعتراني حزن ورغبة في العزلة والمكوث خارج أسوار حياة غدت أقرب لغابة ،ربما تساءلت حينا متى انقلب الأمر هكذا وغدونا بهذا السوء ،وحينا سألت الله كيف ياربي صار الإنسان على هذا الحال من البهيمية أو قل أقل ،بالله ياربي كيف يحيى البشر بعد ذلك في عالم كهذا .
كلما حاولت التأقلم ،صفعتني خيبة جديدة ،وكلما وضعت يدي على بداية مفتاح التغيير ،تملكتني حيرة جديدة ما الصواب وما الخطأ ؟!
نعم ،هناك حقيقة قائمة بأننا ليس علينا أن نبحث عن المثالية كوننا في الدنيا وليس الجنة ،لكن الفواجع التي صارت تتوالى صباح مساء أصابت كثيرين بحيرة وجعلتهم يتخطبون فتارة يعتريهم الإحباط وتارة ينعزلون .
بعد تفكير طويل وحيرة بالغة صارت تكتنفي ،استجمعت شجاعتي والقوة التي أودعني الله إياها،وتوصلت إلا أننا ما خلقنا إلا لنحيا إلا لنقدم ما بوسعنا مهما كان ضئيلا في عالم فسيح .
لقد أقررت أن ما علينا إلا المجاهدة ،لذا فلتبدأ ،ابدأ من هنا حيث ما أنت واقف ،إبدأ بأبسط الأمور أدي عملك بإتقان حتى وأنت لا تتقاضى راتبا كبيرا ابتسم ،ابتسم فقط في وجوه العابرين في وجوه المرضى إن كنت تداوهم ،عامل الناس بود دون كبر ،لشد حاجة الكثيرين إلى ابتسامة أو كلمة تزيل عنهم برودة الأيام ..
اعمل ،ابحث عن شيء تتقنه تحسن الكتابة فاكتب ،تحسن تعليم الصغار ،علمهم علمهم آية احكي لهم قصة من التراث ،تحسن محاورة الناس حاورهم بين لهم الصواب ، ادعهم بالحسنى ،قف في صفوف الحق ان استطعت ولو بكلمة ،صل في جوف الليل وادع فقط ادع بقلب صاف راج ،يدعو للأمة بلوعة وتضرع ..
كلما قابلت سيئا ازدد تمسك بحسنك ،تمسك بمبادئك إربط على قلبك وشد عليه وواصل المسير ،لا تقف فتش عن كل أمر تستطيع به المساعدة في بعث الأمة مهما كان صغيرا ،المهم ألا تقف .
كل هذه الإرشادات التي امليتها عليك أمليها على نفسي وأقول لها اصبري وظلي مجاهدة حتى وإن اعتراك في الطريق وهن عودي مجددا وانفضيه ،إنها سنة الله في أرضه خلقنا لنتعب اسأل الله دوما أن يمنحك صبرا وصدرا رحبا على ضيق هذا العالم يتسع لكل حسن وكل جمال ويصير ملاذا للتائهين في عتمة الحياة .
-
Heba Hamdyالكتابة صرخة ،نطلقها بعد أن تروض الحياة أحبالنا الصوتية على الصراخ المكتوم ...
التعليقات
تلك هي خلاصة المقال في رأيي المتواضع