أن تجتهد بشيءٍ ما كأن تكتبَ سطراً من مقالة، أو شطراً من قصيدة، أو تدوينةٍ ألهمتك، أو حتى أن ترسم لوحةً تعبر عن حياةٍ مُزهِرة، وربما كنت تحاولُ القيام بشيءٍ ما يصنعُ لكَ أياماً مُشرقة أفضل بمئاتِ المرات من الوقوف وانتظارِ الفرصةِ المناسبة لتطرقَ بابك، كُل ذلك يمكنك الآن أن تنير بهِ العالم من خلالِ التطوع.
التطوع بحدِ ذاته سعادة طالما أنك تسعد شخصاً آخر، أو حتى أن تسعدَ نفسك عبر خوض التجاربِ الجديدة، واكتسابِ مهاراتٍ عديدة، ثم إنَّ الإنسانَ أشبه ببذرة غُرِست في قاعِ الأرض، كلما سعى لإعمارها بأعمالِ الخير كلما نضج أكثر، أمّا الثمار فهي تلك الإنجازات التي ستتجلى له يوماً ما بعد الكثيرِ من الجهود المبذولة، ومن جهةٍ أخرى؛ المتطوع يشبع الجانب الروحي في نفسه بحكم أنّ أعمال الخير تُعد عبادة يتقرب بها إلى الله، كما تدفعه تلك الأعمال إلى النشاط والإنجاز والشعور بالرضا، وتضيء بداخله جوانب ربما لم يدركها من قبل، حتى أنه قد يتفاجئ بقدراتهِ المذهلة.
كلٌ منا بحاجة إلى إشباع حاجاته الفسيولوجية، وتعزيز الشعور بالأمان في نفسه، والسبب الرئيسي لذلك هي دوافع اجتماعية، فمثلاً يرغب المرء بقبول الآخرين له والانتماء إليهم، وبالمقابل سيقابلهم بنفس الشعور، وهذا مايعززه التطوع فينا، كما يزيد من الثقة بالنفس، والقدرة على تحمل المسؤولية، وأيضاً ضبط الانفعالات، والتعامل مع المواقف، وذلك نتيجة ممارسة الكثير من الأعمال التطوعية.
من طبيعة البشر بأنهم يحملون طاقة هائلة، لكن يختلفون في طريقة تفريغها، لذا أفضل مايمكن فعله هو بذل مجهود بدني، لهذا تجد المتطوع ينعم بالطمأنينة، والصحة النفسية، والطاقة الإيجابية، فلا طاقة فائضة تعكر صفو حياته، ولا أفكار سلبية تُكدّر صفو يومه، ليس هذا فحسب، بل في عملِ الخير تهذيب للنفس، وعلاج لقسوةِ القلب، فمخالطة الناس تساعد على تحسين الذات، وتوجيه العاطفة نحو الطريق السليم؛ وذلك لإنَّ العاطفة يقودها العقل، وهذا مايحققهُ العمل التطوعي.
هنيئاً لمن تقلّدَ وسامَ العطاء، وخصَّص جزءاً يسيراً من وقته لفعلِ الخير، أكمل خطاك ياصديق طالما أنك تسير على الطريقِ الصحيح، ولِتعلَم بأنَْ التطوع مفتوحةٌ أبوابهُ دائماً، والفرص لاتنتهي طالما تبحثُ عنها، ولإننا جميعاً نعلم بأنَّ النجاحات والفرص لن تطرُق أبوابنا، فنحنُ نتبعُ أصواتَ قلوبنا، ونُدرِك النعم العظيمة من حولنا، ونستغلُ إمكانياتنا المُتاحة؛ لنثبت قدراتنا، ونصنع أثراً يشهدُه العالم، ويدونِّهُ التاريخ حتى وإن كان بسيطاً.
وأخيراً.. ابحث عميقاً في ذاتك عن شغفك وعن مايسعدك، ثم قم بفعله واسعى بكل ما أعطاك الله، وتوهج بنورِكَ المنبثق من داخلِ قلبك، حتماً سوف تضيء كما لو كنتَ ألمعَ نجمٍ في السماء، التطوع رسالة للعالم تبدأُ منك أنت، تلك هي رسالتي وإني لك ناصحٌ أمين، وتذكر بأنَّ لروحكَ حقٌ في أن تُزهِر.
-
أفنان راشـدكاتبة| أؤمن بما يخطه قلبي| مُدونة| مدققة لغوية| أنا لهذهِ الأمةِ بنّاء، ومن كان بنّاء فعليه أن لايستريح.
التعليقات
مقال رائع وافكار نيرة