ربّاه - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ربّاه

عزيزي الله ..

  نشر في 13 ماي 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

عزيزي الله 

تحية طيبة وبعد ،، 

لقد تركت المطبخ " يضرب يقلب " وجئت كي أحدثك ، ولا تسألني لماذا أكتب لك  وانا بإمكاني مناجاتك في الصلاة ، تعلم يا إلهي إنني أنقطع عن الصلاة  وأعود ثم أنقطع وأعود إلى أن تشاء وترحمني 

أرجو ألا يغضبك ذلك .. اعلم أنك لن تغضب لانك تعرف سر تركي وسر عودتي ، فأنا أريد منذ بداية العلاقة بيننا أن أحدثك كثيرا ، أن أفتح قلبي وتسمع همسي وتريحني الصلاة بين يديك ،لكنك تعلم بالتأكيد حال الصلاة التي أؤديها .. بين خوفي من نسيان ركن من اركانها وبين أشيائي التي لا يحلو لها ان تقفز الى رأسي إلا وأنا في صلاة لك .. رباه ، أعلم أنك خالق كل شئ .. وأكتب لك لانني أؤمن بك وبوجودك .. في الحقيقة فكرة وجودك مطمئنة أكثر من فكرة العدم .. وأعترف أنني لم أسمح لنفسي بالبحث  والجري وراء وهم  كثيرون هرولوا وراءه حتى سقطوا في هوته لكن .. لماذا لم أبحث ! 

انت تعلم يا خالقي لماذا لم أبحث عن حقيقة وجودك  .. تعلم أنني  ألجأ في النهاية الى ما يطمئن قلبي أولا ..فلا يوجد عاقل يعتقد أن هذا الكون وجد بالصدفة لانك كإله خالق غير موجود .. كما أنه ليس من العقل في شئ أن  نراك في الاشياء الصغيرة الجميلة ثم ننكرك  في هذا الملكوت الصارخ بعظمتك والمسبح بحمدك .. تعاليت يا رب 

قبل عامين يا رب  شعرت بالسعادة حينما كتبت لك  رسالة أشكرك فيها على نعمة الاصدقاء ، أولئك الذين احتفلوا بعيد مولدي .. لقد كانوا هبة منك ، نعمة أصبغتها عليّ ولعله اختبار .. مضت عشرون عام على بدء علاقتنا وما زلت لا أفهمك ، لا أستطيع التفرقة بين المنة والعطاء والاختبار والبلاء والغضب .. ربما لو أنني أراك أو أسمعك لأصبحت المهمة أسهل ؟! 

معذرة فأنا لا أطالبك  بشئ فأنت ربي ، لك الامر كله  لكنني أحدثك بما في صدري .. أحبك يا رب .. تعلم لماذا ؟؟ على الرغم من كل النعم الظاهرة والباطنة والتي  عشت أتقلب فيها طوال عمري لكنني لم أشعر بالامتنان لك على نعمة أكثر من السبانخ ! 

عجيب أليس كذلك ؟؟  أنت تعلم أنني قديما لم أكن أحبها .. كنت طفلة من صنع يدك  لم تزل غارقة في جمال الجنة  كما يزعم أحمد بهجت - بالمناسبة  هو نعمة أخرى  سأشكرك عليها كثيرا  في رسائلي القادمة وأنا أعرف أنك تعلم أن جزء من معرفتي بك  كان من خلاله  من خلال كتبه وتأملاته .. - لنعد .. كنت طفلة  ترىالاشياء بعين غير حقيقية أو مشوشة لم تصح رؤيتها بعد . فكنت أرى أن السبانخ شئ سيء لا طعم له ، لكنني كلما تقدم بي العمر أدركت  جمال السبانخ ، مذاقها ، قيمتها الغذائية ، وذكرياتها معي  التي باتت تؤنسني في غربتي ، أليس من حقي أن أشكرك على هذه النعمة الجليلة ؟! 

بما إنها ليست رسالتي الأولى كما أسلفت فدعني أتحدث إليك بالكثير مما له علاقة بك  .. في الحقيقة يا إلهي  حياتي كلها لها علاقة بك ، لقد كنت أفكر فيك اليوم .. طوال اليوم ، كان المصلون ملتفون حول كعبتك ، والحمد لك  يا  رب لقد كنت واحدة من هذا الجمع مرات كثيرة مضت ، لكن .. اليوم فكرت فيك بطريقة قد لا تكون  غريبة عليك . بالطبع فأنت خالقي وبيدك  الملك . تعلم ما يدور في نفسي وإن لم أنطق به .. فكرت ترى هل سيقبلني  ؟؟ 

يبدو السؤال بشريا صرف ، بشريا مكررا مملا أليس كذلك ؟  أعترف أنها لم تكن المرة الاولى التي اسأل نفسي هذا السؤال - كما تعلم - لكن اليوم كنت أحاول الوصول إلى بغيتي  ، إلى جواب يفض اشتباكات الخوف الكامنة بداخلي ، متى سأعرف نفسي وهي كما تعلم وترى ، متى سأشعر بالطمأنينة .. يقولون  بإجماع أنها في القرب منك .. إذن لماذا لا تقبلني ؟ لماذا تتركني عالقة في المنتصف ، بين ذنبي وشهوتي وبين الطريق إليك  بغنى عن الدنيا وما فيها .. ربّاه ضللت الطريق  ونفسي معذبة  وأريدك .. أريد الاستغناء  ، على الرغم من كل ما بالنفس من شهوات . 

أشعر الآن  بابتسامة ترتسم على وجهي ، دعني أعترف لك بشئ قد يوقعني في الكفر  اعتمادا على أحكام أهل الارض .. إلهي .. أحيانا أحاول تصورك !  وأقول أحيانا لانك تعرف أكثر مني كم مرة ردعت نفسي عن المضي في هذا الشئ ، أليس  المحب يتمنى ويتصور رؤية محبوبه ؟ أليس من المفترض أنك خالقي  ولابد أن أحبك  على الاقل من أجل كل النعم التي أصبغتها عليّ .. ومادمت أحبك فبالطبع  سأرغب في رؤيتك .. 

رباه إنني أنتظر منحتك الكبرى بالسماح لي بالدخول إلى الجنة برحمتك - لابعملي  فكما تعلم  أنني مقصرة ولا أفخر بذلك ولكن فقط أعترف ، فلا يجب ها هنا في حديثي معك يا إلهي أن أغفل عن قيمتي الحقيقية أمامك .. بالرغم من كونك معي دائما وأبدا ، وبالرغم من ابتعادي عنك وتقصيري وبالرغم من كل مرة أرسلت لي فيها  منحة عظيمة   ولم أفهمها  ,, إلا أنني مشغولة بك ، أحبك ، أريد رؤيتك   وأعلم أنها  المنزلة الكبرى والعطية السامية  التي ستتنزل على أهل الجنة  .. ولكن ماذا عني ؟! 

ماذا لو لم أكن من أهلها ، أستتركني أعذب في خلود يملأه حرماني من رؤية وجهك الكريم ..؟؟؟!!!!!!!!!! هل ستتركني هكذا حقا ؟؟  لو أننا  في موضع سائل ومجيب  على كيفية أهل الأرض لكان جوابك  لا ، والشافية أن من يرد الجنة سعى  لها سعيها ، لكنني أريدك أنت ، وأنت خلقتني بنفس  ممتلئة بالشهوات ، ممتلئة بحب الدنيا ، كما أنها نفس خاوية ، أتعلم ذلك ؟ أثق  في علمك بما في نفسي ، هي خاوية كما ترى  حتى أنها بلغت من العمر ما بلغت ولم تزل لا تعرف لماذا .؟؟ ما الغاية من وراء القراءة والكتابة والخير في هذه الارض  طالما أنه دار ممر لا مقر وطالما أنها إلى زوال وأننا لسنا مخلدين ها هنا ، إلهي . أشعر  أن رسالتي طالت ، طالت وبدأت أسكب من كأسي ما لا يمكن نشره   ولست  أدري هل سأملك الشجاعة للبقاء  على هذه المقالة في موقع  الكلاوود أم أنني سأرجع عن نشرها وأخبئها  كي أكتب لك المزيد من حديثي المكتوم طوال  ستة وعشرون عاما أنت بها أعلم مني ..  أنت وحدك من يعلم ما ينتظر مقالتي وما ينتظرني من جزاء ووحدك من تستطيع  تهيئتي للوصول إلى رؤياك .. أنا معجبة بك كخالق لهذا الكون على دقته وروعة تفاصيله وقسوة المشاهد فيه .. وأعذر  طريقتي في التعبير فنحن معشر الادباء  والفنانين نرى العظمة ولا نستطيع  أن نكتمها ، ونشعر بالذهول أمام الاشياء التي نعرف تماما  أنها معجزة ، معجزة لا يمكن سوى لإله أن يقوم بها .. 

إلهي ،  اغفرلي ذلاتي وهيئني للجنة التي سأراك فيها أو ألهمني طريقة أخرى أراك بها علي أهدأ وتقر عيني وتسكن سريرتي . 



  • 9

  • ياسمين حسن
    باحثة عن النور الذي على هداه قد أجد نفسي ! * بين الذكر والذكرى *
   نشر في 13 ماي 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

للّه درك
1
رساله عميقة استاذه ياسمين .. شكرا لك على مشاركة البوح
1
Tarek Ibrahim منذ 8 سنة
سبحان الله .....أصبت حين قلت أنك معلقة في منتصف الطريق بين شهوة النفس والطريق إلي الله أو كما أسميها شهوة الروح ، فالروح تشتهي ملاقاة خالقها ، فكما للنفس ملذاتها التي تشتهيها ، فللروح ملذات أرقي و أشرف من لذات النفس و تلك هي المفارقة الصعبة ، إلي أي جانب سأميل و أغلب هل ستكون الغلبة للنفس أم للروح ، اختيار صعب ..........يستحق التفكير فيه كثيرًا وعليه سيكون حسابنا حين نفرغ من الممر إلي المستقر ، وفق الله كل باحث عنه فهو وحده ولي توفيق سعي عبده
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا