لم عليك أن تنظر في المرآة كل يوم؟
المجابهة
نشر في 20 ديسمبر 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إن الاحتماء من مواجهة حقيقة أمر ما، تجعلنا نختبئ تحت أغطية ليست لنا، قد تحمينا من برد الشتاء لكنها لا تقينا قساوته، البداية التي نخطوها نحو تجاهل الحقيقة، هي ذاتها التي تبدأ منها التخبطات نحو المجهول، تساؤلاتنا وأفكارنا التي نعتقد أنها صحيحة ونتشبث بها، ستندحر كذلك معنا، أن ترى ذاتك في المرآة كل صباح هو أمر معتاد عليه، لكن أن تضاعف التدقيق في ملامحها فتلك صعوبة تضاف إلى رصيدك، أن ترى ثخن ذقنك أو حبة بارزة في منتصف جبهتك أو شعرة بيضاء تشق طريقها متبخترة، كل ذلك يعكر صفو مزاج نصف يومك إن لم يكن كله، وتفكر في أي العلاجات تتخذ وأيها الأجدى حتى تبدو شابا وجميلا!
ماذا لو كانت تلك المرآة هي ذاتها تصرخ في وجهك كل يوم بحقيقة واحدة ماذا ستكون؟ ماذا تردد عليك في كل مرة كالطفل وتصر أن تفعله؟ مم تهرب؟ من شيء أم من شخص أم من نفسك؟ وإلى أين تهرب؟ هل أنت باحث عن حل أم لاهث و هارب من الحقيقة؟هل فكرت في معنى الحقيقة التي تركض وراءك وأنت تعدو أميالا بعيدا عنها، إن الشعور الذي تشعر به وأنت مستقر تحت رحمة الخوف من الحقيقة لهو شعور طبيعي ولكنه غير عادي، هل صراخك من الألم الذي يعتريك عند سقوطك على الأرض طبيعي؟ بلى، لكن إنكارك لحقيقة أنه جرح بسيط وعدم إسراعك في علاجه غير عادي لأنه قد يتفاقم ويسبب مضاعفات تمنعك من الوقوف مجددا.
إن الخطوة الأولى نحو فهم ماهية إنكارك للحقيقة؟ هل هو خوف أم هي صدمة أم حزن عميق أم غضب هي بداية العثور على نور الطريق، لأن كُلٌ منا يعيش بعينين في رأسه ليرى النور، وذواتنا إن لم تبصر الحقيقة حتما ستشعر بالضياع، رغم بشاعة معرفة الحقيقة إلا أنها كالمر الذي يقتلع من جذوره للمداوة وللشفاء.
إن معرفتك للحقيقة لايعني أن تقسو على نفسك بل أن تعلم علم اليقين أن هذا الأمر يضرك وهذا ماعاد موجودا والثالث عليك اتخاذ خطوة تجاهه، ولا تعجل نتاج الأمور، فشعورنا بالخوف من القيود التي نضعها قد تكون جدران شاهقةبنيناها بأيدينا لأنفسنا، وقد تكون بالفعل هي موجودة على أرض الواقع، لكننا لن نهدمها بل سنعقد اتفاق بيننا وبين شعور الخوف وهو أن نمد جسر التواصل بيننا حين الحاجة، وماعداها فإننا سنقف على ذلك الجسر ثابتين متخذين منه معبرا للجهة الأخرى، قد نواجه زبد البحر وزمجرته، لكننا سنصل وسنتحرر من مشاعر، مواقف، تراكمات كانت بمثابة الجبل على أكتافنا، وستفتح لنا انبلاجة صبح بعد عراك طويل مع الظلمة.