يصعب العثور على المبرمجين الملائمين للمهمة المطلوبة، فبجانب مشكلة نقص الكفاءة، تبرز المشكلة المزعجة جدا؛ وهي إغراق طلبات التوظيف بالسير الذاتية لأشخاص بعيدين تماما عن المطلوب، لدرجة أنك تطلب مبرمجا وتتلقى طلبات من مصمم!

خلال وظيفتي الإدارية اعتمدت ثلاثة أساليب متتابعة لانتقاء وتوظيف المبرمجين. إن أردت الاختصار إليك الملخص أولا:

1. أنشئ نموذجا بريديا لاستقبال السير الذاتية يتضمن مجموعة من الأسئلة القصيرة حول تخصص الوظيفة.

2. اقصي تلقائيا كل من لم يتعب نفسه بالبحث عن الأجوبة الصحيحة.

3. راجع السير الذاتية المؤهلة لاستبعاد الحالات البين عدم ملائمتها مع متطلباتك.

4. أرسل إلى الباقي اختبارا متنوع الخطوات لقياس جوانب متتعددة من كفائتهم.

5. أطلب للمقابلة الوظيفية أصحاب الإجابات الأفضل.

6. اختر أفضل من اجتاز المقابلة واعرض عليه شهرا للتجربة، مقابل راتب، للعمل على مشروع صغير، ذي صلة.

7. إذا أنجز المشروع كما يجب، وتبين أن المرشح متوافق مع فريقك، مبروك :)

الآن عودة إلى التفاصيل:

في المرة الأولى اعتمدت الأسلوب العادي. بعد استقبال طلبات التوظيف رميت السير الذاتية لغير المبرمجين والسير الذاتية للمبرمجين الذين يدعون إلمامهم التام بعشرات التقنيات واللغات والأساليب البرمجية، ثم تفحصت باقي السير وانتقيت منها أفضل خمس مترشحين، طلبتهم لحضور مقابلة التوظيف.

قبل دخول المقابلة وجب على المتقدم ملئ استمارة، ببعض المعلومات الشخصية، واختبار قصير عبارة عن نص برمجي به أخطاء متعمدة يجب اكتشافها كاملة وتصحيحها، على الورقة. لا أحد تمكن من تصحيح كل الأخطاء. أما المقابلة نفسها فكانت حديثا عاديا حول خبرات المتقدم. في النهاية اخترت مبرمجة للوظيفة.

في المرة الثانية كان المطلوب توظيف مبرمجين إثنين ذوي كفاءة عالية.

لتسهيل الفرز الأولي، وجب على المتقدم اجتياز اختبار سريع عبارة عن أسئلة بسيطة حول البرمجة الحديثة، قبل إرسال السيرة الذاتية، من خلال نموذج إرسال بريدي. هذه العملية سهلت عليّ كثيرا الفرز الأولي، فعوض تصفح مئة سيرة ذاتية أو أكثر، وجدت أمامي حوالي عشرين فقط. أرسلت لهم اختبارا آخر أكثر عمقا، يضم بعض المهام البرمجية الصغيرة.

كان هذا اختبارا للجدية ولقدرة الشخص على البحث في الإنترنت. من بين العشرين لم يتجاوب مع الاختبار سوى خمسة أشخاص، وقد كان أداؤوهم متفاوتا.

اخترت منهم إثنين، وعرضت عليهما شهرا تجريبيا مدفوع الراتب. كان المطلوب منهما خلال الشهر التجريبي تنفيذ مشروع صغير، سيستخدمان فيه تقنيات وأدوات كانت جديدة عليهما بالكامل. لم أكن أبحث هنا عن تنفيذ احترافي عالي الدقة، قدر ما كنت أريد الإطلاع على طريقة عملهما وسرعة تعلمهما.

كانا نشيطين متحمسين، لكن كان سقف طلباتي لتلك الوظيفة عاليا، لذلك لم أتعاقد معهما بعد إكمال الشهر التجريبي، وأجلت التوظيف لذلك المنصب إلى وقت آخر لم يحن أبدا.

في المرة الثالثة، كنت أريد مدير أنظمة مع قدرة على البرمجة. اعتمدت أسلوبا قريبا من أسلوب الحالة الثانية: أسئلة إجبارية يجب إجابتها قبل إرسال السيرة الذاتية. ثم أرسلت للمتقدمين إختبارا عبر البريد كان عبارة عن طلب تثبيت سيرفر محلي مع برمجيات معينة، وكتابة الخطوات التفصيلية للعملية.

هنا استقبلت الكوارث، فالبعض بدأ ينسخ ويلصق من المواقع والمنتديات بشكل عشوائي دون أي تجربة أو فهم للسؤال. لم يتجاوز هذه المرحلة سوى شخصين، طلبتهما للمقابلة الوظيفية.

بعد حديث قصير سلمت للمتقدمين جهاز كمبيوتر، وطلبت منهما إعادة نفس الاختبار السابق، ولديهما صلاحية البحث في الإنترنت.

كانت نتيجتهما متقاربتين جدا، ولو أنها أقل مما كنت أريد. اخترت في النهاية المرشحة الأنثى بسبب أن المرشح الذكر كان مدخنا، وقد أزكم أنفي برائحة سجائره الملتصقة بملابسه!