أعيش الآن لحظات مطولة من القلق والملل ..
الآن أعود لكتب الطب مرة أخري وأنغمس وسطها .. فلم أعد أغادر محيطها ..
تصيبني الآن حالة من اللاشعور و العصبية و الهروب الوقتي من كل شئ...
تلك الأيام آخذ الأشياء علي محمل الجد وإن كان ظاهري مبتسما هادئا.. ولكني في حقيقة الأمر انصهر تدريجيا ..
أشعر بإرهاق داخلي ..نوبات الصداع المتكررة لا تفارقني لما يقارب الأسبوعين المتصلين ...
يبدو أن مسيرة الاختبارات في الطب لا تنتهي بحصولك علي شهادة البكالوريوس فحسب ..
وإنما هي سلسلة متصلة عبر العمر من الإرهاق والقلق واضطراب النوم...
وما أقسي أن يوضع الإنسان في خانة الاختبار بين حين وآخر ..
أما عني... فلأني بإنتظار اختبار مزاولتي لمهنة الطب بعد أيام قلائل ..فقد اخترت لأن أوثق معاناتي وتعبي بالورقة والقلم حتي أري نفسي بعد عام آخر وأنا بمنأي عن كل هذا وقد رأيت حصيدة أرقي وتعبي...
صرت أتمني مرور الأيام وأعدها ..هل قد عدت لأيام البكالوريوس .. أم أنها لعنة الطب مستمرة للأبد ..؟
أن يكون مصيرك اختبارات متواصلة لا تنتهي بكونك قد تخرجت وصرت طبيبا ...
بنهاية الأمر كل شئ ينتهي .. ولكنه لا يمر مرورا هادئا كما يظنون .. لكنني انصهر بالداخل .. أمكث لأيام بغرفتي لا أغادرها ..
ربما لعدم خروجي لمزاولة عملي بالطوارئ لأسبوعين كاملين سببا كافيا ..
فقد وجدت في عملي ارهاقا ..ولكني أيضا وجدت ذاتي ..
وجدت راحة نفسية في دعوات أحدهم لي ..
وبنهاية يوم سهر طويل في ليال الشتاء الباردة .. أعود في اليوم التالي وقد انتابني ارهاق شديد فلا أنسي كعادتي أن أعد كوبي المفضل من الشاي قبل النوم وبيدي هاتفي أتصفحه..
فلا أشعر بنفسي إلا في الصباح الباكر وقد تساقط هاتفي من يداي و بجواري كوب الشاي الذي لم أشربه وقد صار باردا ..
ذلك الشعور أحبه كثيرا .. حينما يغتالني النوم ...
وجدت نفسي كثيرا وسط الانشغال أكثر مما بالفراغ ..
وجدت نفسي وسط زملائي بالطوارئ من الأطباء والتمريض ...
وجدت سعادة يومي حينما يبتسم لي موظفا ويقول '' صباح الخير يا دكتورة إيمان ''..
إنها حقا تجعل اليوم أجمل ..عرفت قيمة الابتسامة .. إنها تغير مسار يوم بأكمله ..
لقد وجدت بعملي حياة.. ووجدت إبتسامة رغم كل المنغصات ...
الآن أريد لإبتسامتي أن تعود .. ولقلقي أن يزول ...
فأنا لست أنا .. ولا أريد أن أكون هكذا ..
أرجو الأيام بأن تمر سريعا وتحمل معها قلقي وليوم السادس من فبراير لأن يأتي ..
فهذا يوم اختبار مزاولة مهنة الطب الذي هو يوما فارقا في حياتي ومهنيتي ..
فلقد اشتقت إلي المستشفي
ولممارستي لمهنة الطب .. اشتقت لزملائي ورفقاء السهر من الأطباء والتمريض...
اشتقت لغرفة الطوارئ..ولدعوات المرضي..
اشتقت إلي الشقاء الذي يجعلني أحس بقيمة أوقات الراحة بعيدا عن الأرق اللعين..
اشتقت لكوني طبيبة وليس لكوني طالبة .. أنتظر شروق الشمس بداخلي مجددا ..فأنا الآن لست أنا.......
بقلمي: إيمان فايد
طبيبة امتياز.. مستشفيات جامعة طنطا
الخميس: 4 فبراير 2021
-
Eman Fayed5Th Year Medical Student..Faculty Of Medicine ..Tanta University..Egypt writtting..reading❤️❤️ Article Writter..veto gate..