غيّر ذاتك أوّلا و قبل كلّ شيء - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

غيّر ذاتك أوّلا و قبل كلّ شيء

  نشر في 03 ديسمبر 2018 .

ذاتي السّجينة تناديني، تستصرخني،تستعطفني من أجل تحريرها...كنت في السّنين الماضية و الأيّام الخالية من عمري غير مبال بها.أعيش كما أنا،أو كما سخّروني لكي أعيش هذه الحياة. فهل أنا مهتمّ بحياتي؟

لقد توقّفت عند هذا السّؤال الفلسفي العميق،الذي وجّهه لي طفل في الثّامنة من عمره .لقد حيّرني و جعلني أعود إلى ذاتي.لقد اكتشفت و أنا في هذا العمر، أنّني غير مهتمّ بحياتي،و غير عابئ بذاتي السّجينة التي تستنجد بي صباحا مساء دون أن أبالي بها.

لقد اكتشفت أيضا من وراء هذا السّؤال المحيّر بأنّ لي ذاتين.نعم...ذاتين؛ذات حقيقية و ذات مزيّفة.و أظنّ أنّ كلّ إنسان يعيش صراعا خفيّا بين ذاتيه ؛ذاته الحقيقية و ذاته الوهميّة أو المركّبة،فمن ركّبها؟

إنّه المجتمع، الذي سلّط علينا ذاتا مزيّفة لا تشبه ذاتنا الحقيقية، و جعلنا في غربة داخليّة مضنية.الآخرون جعلونا لا نعي حقيقة ذواتنا،أو بلأحرى قد سلبوا منّا ذواتنا.

لقد ضاعت منّي أحلى سنين العمر بسبب هذه الغربة،و بسبب عدم السّعي لأجل التخلّص من ذاتي المزيّفة التي طغت على ذاتي الحقيقيّة.

كما اكتشفت أيضا، بأنّني شبه إنسان،مسلوب الإرادة و الكيان.فقد كنت أحيا دون بصيرة و دون إرادة،أو بالأحرى لقد كنت ميّتا...و هذا السّؤال التّلقائي الذي طرحه عليّ إبني جعلني أعي ذاتي،و أغيّر نظرتي و تصوّري للحياة.فأنا لم أكن فعلا مهتمّا بحياتي و بذاتي المسلوبة و السّجينة.

لقد فهمت لماذا كا سقراط يتخيّر الأسئلة و يطرحها على النّاس، و ذلك ليدفعهم لاكتشاف ذواتهم و معرفتها ثمّ تغييرها.

التغيير يبدأ من الدّاخل،من الذّات..علينا أن نحرّر ذواتنا أوّلا قبل تحرير المجتمع،و لكن كيف السّبيل إلى تحرير ذاتي السّجينة؟

عليّ أن أسعى أوّلا إلى التخلّص من ذاتي المزيّفة،أي التخلّص من الأفكار و المعتقدات الزّائفة التي سلّطت عليّ دون وعي و إرادة منّي.

القيام بهذا الأمر يتطلّب شجاعة و مواجهة حقيقيّة لهذه الذّت المزيّفة التي أفسدت عليّ حياتي و أهدرت سنين عمري الجميلة.فتحرير الذّات الحقيقيّة و الأصيلة يتطلّب ثورة داخليّة عميقة.كما يتطلّب صبرا طويلا و أهبة دائمة من أجل مراجعة الأفكار التي استبطنتها الذات دون وعي منها.

أغلب النّاس يمضون حياتهم دون اكتشاف ذواتهم الحقيقيّة،فهم يعيشون من أجل الآخرين لا من أجل ذواتهم.و قد أضاعوا حياتهم في أمور تافهة،لا علاقة لها بما ترغب فيه ذواتهم التي ظلّت في سجن دائم طوال حياتهم.

لا يمكن إذن تغيير حياتنا ما لم نسع إلى تغيير ذاتنا و التحاور معها و مصارحتها و كشف غطائها و مقارعة  سجّانها.

صحيح بأنّ سنين طويلة قد ضاعت من عمري،و لكن لا أريد أن أعيش السّنين المتبقية و ذاتي سجينة و مرهونة للآخرين.سأقاوم الآخر داخل ذاتي  و أخلّصها منه و أحرّرها،و بذلك يمكن لي أن أعيش حقّا و أن أكون إنسانا.

لقد فشلت ثوراتنا، لأنّنا لم نثر على ذواتنا أوّلا،فالتّغيير يبدأ من الدّاخل قبل كلّ شيء.فإذا أردت أن تغيّر العالم،فما عليك إلاّ أن تغيّر ذاتك أولاّ و قبل كلّ شيء.


  • 3

   نشر في 03 ديسمبر 2018 .

التعليقات

ندى منذ 5 سنة
Very wonderful article
0
حسن النجار
شكرا ندى
ندى منذ 5 سنة
Let's start changing ourselves first of all
0
حسن النجار
شكرا جزيلا ندى

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا