في هذا المقال نتابع سويا الجزء الثاني من العالم الفارسي "محمد الخوارزمي".

كما جرت العادة في تلك الأيام ، فالدليل علي عبقرية هذا الرجل يضيع علي المستوي العالمي. ولكن تبدأ ترجمة أعماله إلى اللغة اللاتينية كي يستفيد منها الأوربيون يكون قد مر علي وفاة هذا العالم 300 عام. وبالرغم من هذه الفترة الطويلة التي تمر علي كتابة كتبه ، فإن الأوربيين لم يروا لها مثيلا في مجال الإستفادة من القدماء بل والبناء علي أفكارهم أيضا .

وتدهشهم إكتشافات هذا العالم الفارسي الذي مضى علي وفاته وقت طويل ، كما أدهشت العالم من قبل إنجازات الهندوس السابقين.

وحتي حلول القرن الـ 16 أي بعد مضي 700 عام علي وفاة الخوارزمي يحترم الأوربيون ويقدرون كل ماكتبه هذا العالم ويعتبرونه من المسلمات حتي الحواشى السفلية لكتابتهم تحتوي علي ملحوظة "كما قال الخوارزمى" وتصبح الأعمال المترجمة للخوارزمي أساس كتب الرياضيات والفلك في الجامعة في أوروبا والعالم الإسلامي.

والخوارزمي أسس نظاما يقدم المفتاح الذي يبدأ في فتح كل أسرار الكون. فأرقامه وطرقه الجديدة في الحساب ستساعد علي بناء الأبراج التي ترتفع إلى مائة طابق فضلا عن الجسور التي تمتد علي مسافة الميل وحساب النقطة التي تتعلق بالفضاء ومدارات أحد أقمار كوكب المشتري وتفاعلات الفيزياء النووية والعملية الخلوية للتكنولوجيا الحيوية والبحوث الدوائية والتسويقية وحساب التفاضل والتكامل للإقتصاد العالمي ولغة وذكاء البرمجيات وسرية المحادثات علي الهواتف المحمولة.

وبوفاته في عام 850 يكون قد كتب كتابا عن الحسابات الجبرية وآخر عن الفلك وثالثا عن الجداول الفلكية كما يكون قد صحح نظريات بطليموس وخرائط العالم ، وهو ركز أيضا علي خطوط العرض وخطوط الطول لأكثر من 2400 مكان في العالم شاملة المدن والأقاليم والمحيطات والأنهار وسلاسل الجبال. وبذلك يرسي أساس خريطة العالم.

ويتميز عمل الخوارزمي عن بطليموس بالدقة الشديدة ، خاصة داخل الأراضي الإسلامية وإفريقيا وآسيا ، كما يكتب الخوارزمى كتابين آخرين أحدهما عن الأسطرلاب والآخر عن الساعة الشمسية ، إضافة إلى كتاب عن التقويم العبري.

ولكن في يوم من الأيام ينسي الأوربيون - ويليهم العالم - هذا الرجل أو إنجازاته رغم أنهم لايزالون يستخدون إسمه في كلمة لوغارتيم . ويتوقفون عن الأعتراف بفضل هذا الرجل عليهم ، بل ماهو أشد من ذلك هو أن بعض مؤرخي علم الرياضيات الأوربيين الذين يتذكرون إسمه ينكرون مقدار عظمته.

واللوغارتيم عبارة عن مجموعة أرقام حسابية وعمليات إن تمت بشكل منظم يؤدي إلي النتيجة المرغوب فيها. ويعد اللوغارتيم ضروريا بالنسبة لتصميم البرمجيات ، كما أنه هام للكثير من العلوم الحديثة والهندسية ، وتسمح للكمبيوتر والإليكترونيات الذكية أن تبحث داخل كم رهيب من البيانات والنصوص الرقمية ، كما تفك شفرة المعلومات السرية وتقوم بكل عمليات الحساب والتكنولوجيا.

حقا أنه تاريخ ضائع !