طاعون بغداد الفتاك
النتائج كانت وخيمة فقد مات معظم سكان بغداد وتشير بعض المراجع أن نفوس بغداد قد وصلت إلى ٢٠,٠٠٠ نسمة بعد أن كانت ١٥٠,٠٠٠ نسمة.
نشر في 21 مارس 2021 .
عاشت مدينة بغداد الكثير من المآسي في تاريخها الممتد، اختلفت مصادرها إلا أنها اتفقت في الفتك بالنسل والحرث، فبعضها من صنع البشر والأخرى طبيعية.
في هذا المقام سأتحدث عن إحدى الحوادث الأشد فتكاً بالبغداديين! في شهر تموز من عام ١٨٣٠ للميلاد وصلت الأخبار إلى بغداد أن وباء الطاعون قد انتشر في تبريز الإيرانية وبدأ بقتل البشر هناك، لكن سرعان ما اقترب الخطر بعد أن وصلت الأخبار أن إصابات الطاعون بدأت بالظهور في كركوك والسليمانية وعمت شمال العراق. ورغم كل هذه المخاوف إلا أن التجارة بقيت مستمرة بين إيران ومحافظات شمال العراق وبغداد، وفي نهاية آذار من عام ١٨٣١ ظهرت أولى حالات الإصابة بالطاعون في بغداد تحديداً في محلة اليهود وهي لشخص قادم من جهة البحر الأسود.
توفي بعد مرور ١٥ يوماً من أول إصابة سبعة آلاف شخص، وخلال ذلك حاول المواطنون الهرب من بغداد باستخدام الوسائل النهرية إلا أنها لم تكفيهم وبدأوا برمي جثث الموتى في نهر دجلة، وأصبحت الطرق غير آمنة بعد أعمال السلب. انتقل القنصل البريطاني إلى البصرة وأثر على والي بغداد في اتخاذ قرار بشأن الحجر الصحي وفعلاً بني مبنى للحجر الصحي وسمي بـ"الكرنتينة". استمر الوباء بحصد الأرواح فوصلت الوفيات يومياً بين ١٥٠٠ و ٣٠٠٠ نسمة، وتكدست الجثث في الشوارع وبدأت مصيبة أخرى وهي ندرة مياه الشرب بعد موت معظم السقائين الذين كانوا ينقلون المياه الصالحة للشرب إلى بيوت البغداديين.
في الحادي والعشرين من نيسان من عام ١٨٣١ وأثناء وباء الطاعون الذي فتك بالبغداديين فاض نهر دجلة وتعاون مع الطاعون على بغداد المنكوبة، غمرت المياه بغداد الشرقية والغربية، وبعد أسبوع أغرق الفيضان ألفي بيت ثم انتقل ليهدم جزءاً من القلعة فاجتاحت المياه بعد ذلك سراي الحكومة وسبعة آلاف بيت. بعد فترةٍ من الزمن خفت حدة مياه الفيضان وتلاشت قوة الطاعون وسُمع الأذان لأول مرة منذ بداية أسابيع الفيضان إلا أن النتائج كانت وخيمة فقد مات معظم سكان بغداد وتشير بعض المراجع أن نفوس بغداد قد وصلت إلى ٢٠,٠٠٠ نسمة بعد أن كانت ١٥٠,٠٠٠ نسمة. وجثث الموتى كانت ما تزال ملقاة في الشوارع تنهش منها الكلاب وبدأت أعمال الدفن وألقيت بعض الجثث في النهر.
اهتم والي بغداد داود باشا بتنظيف بغداد وظهرت بعض المفردات الغذائية في الأسواق، لكن مستقبل مدينة بغداد كان مظلماً ولم يعرف سكانها مآل الأمور إلا أن هذا عهدنا ببغداد التي لا تموت أبداً مهما مرت عليها النكبات والمصائب.
انتهى
-
إبراهيم بن حاتمإماراتي الأصل رافديني الهوى عاشق على ذمة بغداد
التعليقات
اللهم احفظها وسائر أوطاننا.. وارفع عنا الوباء والابتلاء...