قرى رام الله التسعة اليتيمة "الخط الغربي" - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قرى رام الله التسعة اليتيمة "الخط الغربي"

  نشر في 23 أبريل 2022 .

خارطة قضاء الرملة


يلاحظ الزائر لمركز مدينة رام الله حين يلقي نظرة على أسماء المحال التجارية نسبتها للقرى مثل اليبرودي والعجولي والطريفي وغيرها، كما يلاحظ افتقار أسماء هذه المحال الى قرى الخط الغربي التسعة، وهذه القرى هي بلعين، خربثا بني حارث، نعلين، دير قديس، المديه، قبيا، شقبا، بدرس، وشبتين، وهو ما يقود الى التساؤل حول السبب في ذلك.

كانت آثار نكبة فلسطين عام 1948م قاسية على الريف، لكنها كانت أقسى على هذه القرى التسعة الواقعة إلى الشرق من مدينتي اللد والرملة، وإلى الغرب من مدينة رام الله، فقد كانت هذه القرى لقرون عديدة تتبع قضاء اللد والرملة، وكان ابناؤها يتوجهون في الصباح الباكر إلى مركز قضائهم لإكمال تعليمهم أو للعمل المأجور أو لبيع فائض منتجاتهم الزراعية والحيوانية وشراء ما يحتاجون إليه في حياتهم اليومية، وتمكنوا مع مرور الوقت من إقامة علاقات وثيقة مع المثقفين والتجار في المدينتين وفي مدينة يافا الساحلية مركز اللواء، وحتى أن بعضهم تمكن من إقامة مشاريع اقتصادية من مطاعم ومخابز وغيرها في هذه المدن، وعلى حين غفلة من الزمن وجدوا أنفسهم لا تربطهم بها أدنى رابطة، وفقدوا ثمرة جهودهم وعلاقاتهم التي أقاموها لسنوات وأصبحوا أشبه باليتيم.

تنبهت الحكومة الأردنية إلى مشكلة اليتم التي تعاني منها هذه القرى الواقعة على خط الهدنة، وتحولها إلى محطة استقبال للاجئين، ومنطقة مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، وسارعت لحل هذه المشكلة بإنشاء ناحية جديدة في المنطقة، وقد وقع الاختيار على قرية دير قديس لتكون مركز الناحية لوجود قلعة فيها بناها الإنجليز في العام 1943م، واقامت في القرية بناية للهاتف وبناية للبريد وعملت على تطوير مدرستها لتصبح ملتقى لأبناء هذه القرى، ومع أن هذه القرية شهدت نمواً مع قدوم عدد من الأهالي للسكن فيها من الموظفين والعسكريين، وتوافد أبناء قرى المنطقة إليها لقضاء حوائجهم الإدارية، واستخدام البريد والهاتف، ألا أنها لم تشهد نشاطا تجاريا لافتقارها للمنشات الاقتصادية، وحتى معصرة الزيتون التي اقيمت فيها لخدمة المزارعين من أبناء المنطقة، جاءت في نهاية العهد الاردني.

وجد أهالي المنطقة غايتهم في التعامل التجاري مع قرية نعلين التي كانت صاحبة السبق من بين هذه القرى في إقامة منشات اقتصادية وتجارية من مطاحن للقمح ومعاصر للزيتون وبقالات متنوعة قادرة على تأمين احتياجات الاهالي، وظهر في قرية نعلين عدد من التجار الميسورين الذين قدموا لإهالي المنطقة ما يحتاجون إليه مقابل تأجيل الدفع الى المواسم؛ ومن ذلك تجهيز العرائس مقابل تأجيل الدفع إلى موسم الزيتون، وفاقت مدرسة نعلين في تطورها باقي مدارس المنطقة مما أتاح لها المجال لتصبح قبلة الراغبيين في التعليم من أبناء هذه القرى؛ حتى أنها استضافت قرى أخرى مثل اللبن الغربي ورنتيس. وبهذا أصبحت مركز المنطقة الاقتصادي والتعليمي، وساعد قرية نعلين على القيام بهذا الدور أن الدولة العثمانية اتخذت منها ناحية في الفترة الممتدة بين الأعوام 1903-1914م وأقامت فيها بعض الدوائر الإدارية مثل المحكمة الشرعية، واستفاد بعض أبناء القرية في تلك الفترة من القروض الممنوحة عن طريق البنك الزراعي العثماني.

لم تكن الفترة الممتدة بين نكبة فلسطين ونكستها 1948- 1967م لتساعد على إقامة علاقات متينة بين القوى الفاعلة في الناحية المنشأة حديثا، وظهور مركز لهذه المنطقة يمكن أن يقوم مقام المدينة؛ وخاصة أنها مشتتة بين دير قديس كمركز إداري ونعلين كمركز تجاري وعلمي، وحين وقعت نكسة حزيران عام 1967م فقدت المنطقة ما يقرب من نصف سكانها وفرض عليها الارتباط بقضاء رام الله التي لم يسبق لها توثيق العلاقات به.

لم يكن من السهل على أبناء هذه القرى الذين اعتادوا باستخدام دوابهم على التوجه نحو الغرب والسير في أرض منبسطة سهلة تجذبهم إليها نسائم البحر؛ الاعتياد على التوجه نحو الشرق في أرض جبلية ترتفع عن منطقتهم أكثر من ثلاثمائة متر، وحين تم ربط هذه القرى بمركزها الجديد (رام الله) عن طريق الحافلات بعد تأسيس شركة نعلين والقرى التسعة للنقل، لم تكن هناك سوى حافلة واحدة يتيمة؛ تنطلق من المنطقة صباحاً وتعود إليها في الساعة الواحدة بعد الظهر، ثم أضيفت حافلة أخرى تعود إلى المنطقة في الثانية بعد الظهر، ولم تساعد هذه الأوقات المبكرة التي تعود فيها الحافلات على إيجاد علاقات قوية بين أبناء المنطقة والقوى الفاعلة في رام الله مركز إدارتهم واقتصادهم الجديد، حيث لم يكن بامكان ابناء هذه القرى البقاء في المدنية لساعات طويلة.

لم تحابِ مدينة رام الله التي نمت بشكل متسارع بين قراها المحيطة بها، وبين القرى التسعة اليتيمة التي ضمت اليها حديثا، وبين المخيمات الاربعة؛ التي أقيم ثلاثة منها على مداخلها الشمالي والجنوبي والغربي وأقيم الرابع في داخلها، ومنحت الجميع فرص متساوية للاستثمار في مركزها لكن ابناء قرى الخط الغربي الذين بدؤوا متأخرين عن غيرهم في اكتشاف الفرص في مدينة رام الله لم ينجحوا في الاستثمار في المركز، وربما يكون ما تشهده المدينة في السنوات الأخيرة من نشاط لإبناء هذه القرى وخاصة شقبا وشبتين في الإستثمار العقاري؛ مبشراً بتحولات لاحقة في حضور هذه القرى، ويضفي قيمة ما تتجاوز غياب هذه القرى عن المركر.


  • 1

  • qadersteeh
    عبد القادر مصطفى سطيح نال شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث عام 2016 من جامعة مرمرة في اسطنبول، يُجيد بالإضافة إلى التركية الحديثة اللغة العثمانية، له العديد من المؤلفات والأبحاث المنشورة باللغات العربية والتركية والإن ...
   نشر في 23 أبريل 2022 .

التعليقات

hiyam damra منذ 2 سنة
بوركت جهودك وإن لم تسمي قرى قضاء رام الله والخارطة التي عرضتها تتوضح فيها قرى اللد والرملة
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا