كيف إنتشرت اليوجا مؤخرًا
اليوجا في الأصل طقوس روحانية، إلا أنها إنتشرت الآن كنوع من أنواع الرياضة، فأصبحت تُمارَس في الأندية الرياضية وأماكن متخصصة، لكل ديانة طقوسها والسبب وراء إنتشار طقس اليوجا وبقائه حتى اليوم هو لأنها رياضة عالمية، فلا تتطلب من ممارسيها التحلي بالمعتقدات الهندوسية، وأصبح لها شهرة واسعة في العالم العربي.
انتشرت اليوجا في الهند قديمًا وكان لها ممارسات مختلفة وبالتالي معلمين مختلفين لكل منهم تطبيق مختلف لوضعيات وطقوس اليوجا، في خمسينيات القرن الماضي انتشرت هذه الرياضة في لبنان مع جيل من المعلمين القدماء، ولأنها وُرثَت بمعتقداتها وممارساتها المختلفة عبر المعلمين منذ اكتشافها ساعد هذا في إنتشارها.
تعد اليوجا حلًا متوفرًا لتخفيف التوتر، فهناك من يمارسها لأنها تغني عن زيارة الطبيب النفسي أو للحفاظ على السلامة النفسية، ولأن اليوجا تقلل من نوبات القلق والاضطراب فهي عادة صحية وقد تكون ضرورية في بعض الحالات لممارسيها، فوائدها للجسد والعقل كثيرة، لذلك فالنتائج التي تقدمها لمزاوليها سبب أيضًا من أسباب إستمرارها وشهرتها عالميًا، أثبتت الدراسات فعاليتها في تهدئة العقل واكتساب الجسد للمرونة، ورغم أن جسد المرأة أكثر مرونة من جسد الرجل إلا أن ممارسي اليوجا من السيدات أكثر عددًا من الرجال.
تاريخ اليوجا قديمًا
لليوجا فلسفات ومدارس تختلف في تفسيرها وتفسير أصلها وطريقة تأديتها، واليوجا فلسفة هندية تعني بالإتحاد مع جوانب الكون، في الفلسفة الهندية هناك إعتقاد بأن البشر والكون ليسوا متحدين لذلك حين يتم الإتحاد بينهم ويندمج الوعي الشخصي وهو الروح "atman" مع الوعي الأسمى "brahman" يتحقق الهدوء في العقل والجسد.
لليوجا وجود في الحضارات الهندية القديمة وكلمة يوجا هي في الأصل yuj من اللغة السنسكريتية ومعناها الإتحاد.
ليس هناك بداية موثوقة عن اكتشاف اليوجا إلا أن هناك حضارات هندية قديمة تناولتها يعود تاريخها إلى قبل الميلاد ومن هذه الحضارات:
١-حضارة وادي السند:
في أنقاض وادي السند تم إكتشاف خاتم باشوباتا ووُجِد على هيئة تمثيل لوضعية يوجيّة، ويعد هذا الخاتم مصدر عن ديانة هذه الحضارة.
٢_يوفر الفيدا والأوبنشاد:
تعتبر يوفر الفيدا مجموعة من الكتب المقدسة ولا يوجد بها إشارةً صريحة بها عن اليوجا لذلك يُعتقد أنها طقس تم تأليفه أثناء طقوس التأمل لأن الفيدا تشبه اليوجا كثيرًا فهي تتضمن تعويذات وترانيم وطقوس، أما الأوبنشاد فناقشت اليوجا بشكل صريح ولكن بشكل تعويذة وليس تأمل فقط أي طقس روحاني.
٣-البهاغافاد غيتا:
هو عمل مصغر من كتاب يسمى "ماها بهاراتا" الذي يتناول الملحمة الشهيرة بين أفراد عائلة باندافاس وكاورافاس، وفي هذه الملحمة يدور حديث بين أرجونا أحد أفراد عائلة باندافاس وكريشنا مستشاره، وتلخص البهاغادغيتا هذا الحديث وتضمن اليوجا التي لها مسارات عديدة لكن كان التركيز على ثلاثة أنواع منها، النوع الأول هو جنانا يوجا وهي مخصصة للمعروفة الروحية وتتم بمساعدة معلم روحي، النوع الثاني بهاكتي يوجا وهي يوجا الإخلاص حيث تتضمن اغاني دينية وتعويذات وتتم هذه اليوجا للإندماج مع الإله، وهنا يتم توجيه العبادة لتمثال يرمز أحد الآلهة، النوع الثالث يدعى كارما يوجا وهي للتخلص من الأنانية فتتضمن مشاركات خيرية.
هذه ليست فقط الحضارات أو الكتب التي تناولت اليوجا أو تحدثت عن أوضاعها ومراحلها وطقوسها الدينية، كان تاريخ اليوجا حافلًا بالتعديلات كما سبق ذكره حسب مدراسها وفلسفتها.
أعماق اليوجا
تُمارَس اليوجا كرياضة أو علاج، فمريضو القلق يستخدمونها لتخفيف قلقهم ونوبات الهلع لديهم، لذلك تُقسم لمستويات، إذا كنت تنوي ممارستها فعليك بزيارة أحد المعلمين أو الأندية المتخصصة أولًا، لأن لكل جسد وعمر يوجا مناسبة وقد يقوم الفرد بتأدية بعض الحركات بطريقة خاطئة وهو ما يسبب آلام جسدية، فاليوجا التي ستناسبك في عمر العشرين قد تصيبك بإلتواءات في عمر الأربعين، لذلك هناك أساسيات لممارسة اليوجا يجب الإلمام بها.
تنقسم التقاليد الفلسفية الهندوسية بشكل عام إلى ست مدارس وواحدة منهم اليوجا سوترا باتنجالي، وهي نص المصدر الرئيسي لمدرسة اليوجا الفلسفية، في هذه اليوجا تتم عملية التحرر الروحي بثمانية مستويات وهم:
١-ياماس: التحكم في سلوك المرء تجاه الآخرين كالإخلاص وضبط النفس جنسيًا
٢-يثاما: تستهدف علاقة المرء بنفسه وزيادة هدوئه ونقائه
٣-أساتا: وهذه تنص على التأمل في وضعية ثابتة مريحة لفترة زمنية معينة
٤-براناياما: وهي تهتم بتمارين التنفس
٥-براتيارا: في هذا المستوى يبدأ إنعزال العقل عن العالم وقد تساعد الأماكن المنعزلة على تأدية هذا النوع بشكل جيد
٦-دارانا: وهنا يركز الممارس انتباهه على شئٍ واحدٍ دون غيره
٧-دهيانا: وهنا يتأمل الممارس بإنتظام دون اهتزاز أفكاره
٨-السمادهي: وهي حالة التحرير والإندماج
اليوجا كعلاج
لا تقتصر الإفادات فقط على الحد الذي تم ذكره كتهدئة العقل والجسد وانخفاض مستوى القلق والتوتر، فينصح بممارستها عند المرور بالأزمات النفسية أو العاطفية، ومزاولتها تحسّن الصحة النفسية وتقلل الإصابة بالأمراض المزمنة.
•ممارسة اليوجا تفرز هرمون الكورتيزول المسئول عن الشعور بالضغط العصبي وأثبتت الدراسات انخفاض إفراز هذا الهرمون لدى ممارسينها.
•أجرى الباحثون دراسات على مجموعتين إحداهما تمارس اليوجا بإنتظام والأخرى لا تمارسها، وأثبتت النتائج مساهمة اليوجا في تقليل الإلتهابات لدى المجموعة الأولى الممارسة لها.
•تساعد على تحسين الصداع النفسي وقلة تكراره.
•إستعانت إحدى المدراس الفرنسية والحاصلة على دبلومة في علوم التربية بتطبيق اليوجا على الأطفال الذين تم تشخيصهم بإضطراب التوحد، وأثبتت النتائج فعالية الرياضة في تأثيرها إيجابيًا على الطفل وتقوية تركيزه وجعله أكثر نشاطًا ومرونة في تعامله مع الآخرين.
أضرار اليوجا
بعد سرد وشرح الكثير من فوائدها تبدو اليوجا كرياضة خالية من الأضرار، إلا أن هذا ليس صحيحًا فرياضة كاليوجا تتطلب دقة في تنفيذ أوضاعها، قد تصيب الأوضاع الخاطئة بآلام في فقرات العمود الفقري أو المفاصل وقد تصل بعض هذه الآلام لدرجة خطيرة، كما أوصت الدراسات المصابون بهشاشة العظام بالابتعاد عن أوضاع معينة قد تصيبهم بإلتواءات.
موقف الأديان من اليوجا
•ممارسة اليوجا في الإسلام حرام شرعًا إن كانت تُمارس كعقيدة، فهي تخالف الإسلام في شروط كثيرة منها لأنها تدعو إلى التوحيد وهو شرك وذنب كبير، ولأن بعض الأوضاع تشبه كثيرًا الوثنية مثل الجلوس امام الشمس عاريًا وترديد عبارات تتضمن عبادة للشمس، أما إذا كان هناك من يمارسها كرياضة بحتة كالصورة التي انتشرت حاليًا منها فهنا تكون جائزة.
•في المسيحية هناك تعارض مع الأساس الفلسفي لليوجا، فهي تدعوا لما نهى عنه المسيح، وإن كانت رياضة فقط فلا بأس بها ولكن يرجى الحذر بشأن التأثيرات التي قد تغيّرها ممارستها.
-
Fatma tarikInterested in books, writing and self learning