مثلما يفعل البعض ، يقسو علينا الوقت أيضا ..
قاسية هي بعض اللحظات ..ترهقنا تلك الوداعات ..
نغادر منازل الأحباب كل مرة في رحلة منظمة ..و لكنها تبدو مفاجئة للجميع ..
توقد الحرائق بداخلنا كل مرة ..
في كل يوم نتمنى لو كان بإمكاننا إختراع طابعة تمكننا من ترك نسخة منا بتلك المنازل التي كنا بالنسبة لقاطنيها وهجا ينير الزوايا المظلمة ..
لوكان بإمكاننا أخذ نسخة منهم بحقائبنا المثقلة بالحنين ..و الشوق المسبق ..
تمنيت لو استطعنا التمرد و شن حروب على بعض الأشياء ..
بعض المشاعر بداخلنا ..و إخماد الحرائق المدرمة..
كاذبون هم الذين قالو أننا فقراء مشاعر ..
لو يعلمون ما نخبؤه بباطن قلوبنا لما تجرؤ على التحدث نيابة عنا
بحثت عن الوداع ..بحثت عن الشوق ..لم أجدهما ..ولو كانا من البشر لقتلتهما و تحملت كل العقوبات و التكاليف ..و تركت كل من بالعالم يعيش دون دفع ضرائب اللقاء ..التعلق و الوداع ..
على طريق من الطرق السريعة ..لا يهمني المكان ...
أكتب بعض الحروف ..و أضغط على بعض الأزرار بقلبي ..
شيء بل أشياء كثيرة تحدث معي ..
كانت السيارة تبتعد بي أكثر و أكثر عن المكان متجاوزة عددا كبيرا من السيارات الأخرى ..
أنظر إلى بعض الوجوه ..بعضها بدون ملامح ..بعضها متعب و آخر سعيد ..منهم من ستأخذه نهاية الطريق إلى لقاء بعزيز ..
ومنهم من تبتعد به و تبعده عن صديق ، أو أخ ..أو أم أو قريب ..
شغلت المذياع بالسيارة ، بعشوائية أضغط على الأزرار ، أحاول البحث عن أمواج للنسيان تبعدني عن بحر الحنين ..
عالق أنا ببعض الوجوه ، ببعض القلوب، تائه بتلك الشوارع ، متشرد أبحث عن ملجأ بين كلمات المذيعة بذلك الصباح الكئيب ..
أبتعد أكثر و أكثر و لا أريد أن أقرأ تلك اللافتات بجانب الطريق
لافتات دون إستحياء تخبرنا عن مسافات الرحيل التي نتجرعها مرغمين ..و لو كان بإمكاننا البقاء لما غادرنا ..
يستقيم الطريق بي و تبدو تلك العلامات البيضاء التي تقسمه واضحة و متراصة ..تتباعد كلما إقتربت منها ..من حين لآخر ألتفت ورائي و ما أصعبها من حركة تلك التي نقوم بها دون وعي..دون إدراك منا ..و لو كنا ندري ما ستكلفنا تلك الحركة ، لتمنينا الشلل لحظتها
أتأكد من الطريق ..لبرهة ظننت أن الطريق كانت تعبرني و تتراكم مسافاتها بداخلي ..و لم أكن أنا العابر فوقها بتلك السيارة اللعينة ..أجوب بعيني السماء و قد ارتدت فستانها القطني الأبيض ، الملطخ بشيء من الرمادي ..
بالجانب الآخر من الطريق المعاكس .. أنظر بسعادة إلى تلك السيارات المسرعة وهي تسلك نفس الطريق الذي سلكته ذات يوم ..أشير إلى المارين بيدي ..و أشغل بوق السيارة و المصابيح ..
لم يفهم المارون بسياراتهم رسائلي المشفرة ..قالوا أني مجرد مجنون إشترى سيارة جديدة لا أكثر ...
إلا شخص فتح زجاج نافذته و صرخ من بعيد ملوحا إلي بيديه ..
لا تقلق ..سأبلغهم سلامك .
سأحدث تلك المدينة عنك ..
#عبد الغني موساوي
-
Abdelghani moussaouiأنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي