كلنا نحب أن نحظى بالسعادة، لكن كل حسب مفهومه و معاييره الخاصة و بالتالي تعريفه الخاص. بالنسبة لي أرى أن السعادة تكمُن ببساطة في تلك النعم المحيطة بنا، نِعَمٌ قد تكون مادية و قد تكون معنوية، نعمٌ نتعب في سبيل تحصيلها و أخرى تولد معنا أو تأتينا من حيث لا نحتسب ... و قد يحدث أن تأتي هذه النعم على هيأة انسان !
فالسعادة حُضن أُم ، يد أبٍ تربِّت على كتفك ، مشاكسة أخ ، فضفضة أخت ، ابتسامة حبيب ، شقاوة أطفال، لمة عائلة و أقرباء ... و السعادة أيضا وجود أصدقاء. أقصد هنا تلك الصحبة الطيبة التي أنجِبت لنا من رحم الصداقة، تلك النفوس الصادقة التي تقف بجانبك دائما و ليس فقط عند التقاط الصور!
و للأمانة هم ليسوا فقط بجانبك، انهم دائما حولك و في الموعد، خلفك يدفعونك للأمام كلما تكاسلت أو تخوفت - و قد يدفعونك لارتكاب حماقات ممتعة احيانا - ،هم أمامك يمدون أيديهم كلما تعثرت ; و ان حدث و أخلفوا فهم بقلوبهم معك و هم الحاضرون في البال و داخل الفؤاد رغم الغياب.
الأصدقاء الحقيقيون هم أولئك المزعجون المرغوب فيهم، أصحاب الزيارات الغير متوقعة و الاتصالات المفاجئة، ان احتاجوا مشورة أو حتى مجرد فضفضة فلن يبالوا لعقارب الساعة ولن يلقوا بالا لتفاهة الموضوع أو أهميته . فكما تتصل صديقة بأخرى باكية مصيبة حلت بها أو مشاركة اياها فرحة اعترتها فقد تتصل أيضا و توقظها من عز نومها طالبة مَشورة "مهمة" ، شاكية حيرتها في اختيار شالٍ ترتديه مع فستانها الزهري !
وكم من صديق في غمرة انشغالاته لبّى نداء صديقه و أمضى اليوم تسكّعا معه , فمشوا أميالا بشوارع المدينة ثم احتسوا فناجين قهوة عدة، في صمت طويل تتخلّله بضع كلمات ! فقط لأنه يعلم أن صديقه موجوع لكنه أقوى من أن يبوح و أضعف من أن يُترك وحيدا.
الأصدقاء كلما اشتاقوا يتصلون، لكنهم لن يحكوا أبدا كلاما أبكما ، فالــــــ"كيف حالك؟" عند الأصدقاء ليست مجرد تحية ، انه سؤال اطمئنان صادق ينتظر منك جوابا أصدق .
أحسّ الصداقة تضيف لحياتنا لمسة رونق و أناقة تماما كتلك الربطة الجميلة على علب الهدايا .
و أرى وجود الاصدقاء كتلك القطعة الاساسية من البازل ، التي ان فُقدت فلن تكتمل الصورة أبدا.
لن أدعوكم للبحث عن هؤلاء الأصدقاء الحقيقيين, فهم هدايا القدر و لن أقول تمسكوا بهم فأنا على يقين أنكم ان رُزقتم بهم فحتما ستتمسّكون ، لكن أدعوكم أن تكونوا أنتم للآخرين الصديق الذي تتمنون وجوده في حياتكم.
التعليقات
صدقتى