عـــزف الكـــلمات ..
كلماتك , أجعل عزفها يتغنى عليه النفوس وتتهافت عليه المسامع , أجعل عزفها يبعث لحياتك المعنى ..
نشر في 15 أبريل 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
مبهرة هي لغتنا , كم هي رائعة تلك المشاركة التي تتشاركها الأحرف وتتكاتف فيما بينها لتتشكل وتتلون وتخرج لنا كلمة ذات معنى مهما كبر عدد أحرفها أو صغر , ولكنها أفاضت على مداركنا بمعنى لن نستطيع أن نصل له مهما فعلنا , ولكن الكلمة أستطاعت أن توصله لنا بغاية البساطة ..
كيف لهذه الأحرف ذات الأشكال المختلفة أن تجعل للحياة حياة وتجعل للمعنى معنى ؟! , كيف لها أن تضئ الجزء المظلم داخل مداركنا وتكن هي كالنجوم المتوهجة لأفكارنا ؟! , إنها دليلنا للوصول , بوصلة الفكر الواعي , شعلة الإدراك , ولكن برغم عظمة عملها وتأثيرها علينا ألا أنها ستظل مجرد " أحرف " !! ..
لها مطلق الحرية كيف تتشكل وكيف تؤثر , منها من يتشكل على نحو خاص ويؤثر تأثيراً إيجابياً على مسامعنا , فتصبح الكلمة حينها منبع السعادة والصفاء , ومنها من يختار أن يتشكل على النحو المعاكس فتؤثر التأثير الذي نبغضه جميعاً فتصبح حينها الكلمة كالصاعقة الواقعة على مسامع طفل برئ لم يتوقع أن يُُزلزل مسامعه شيئاً هكذا ! ..
لقد منحته الحياة في لحظة بكلمة قد لا تتخطى الحرفين أو تتجاوز من الأحرف ما أرادت وبعثت في نفسة الجمال والنقاء , وفي لحظة مشابهة لها سلبت منه كل معاني الحياة لما أوقعته في نفسه من ضيق وإضطراب ..
إنه لسحر حقاً ! , لن يقوى أمهر سحرة العالم في فهم حيلته ليقلدوها في عروضهم كما يفعلون في حيلهم ذات الطابع التكراري البحت الممل , أنها قوة خفية وسرها لن ينكشف لأحد , لا يمكن أن تُقلد أو تُكرر أو يُمل منها , عزف لم تستطيع أي آله أن تخرجه بألحان خلابة , هي فقط تعمل في هدوء وتحقق للإنسان ما يريده من حياة أو موت , فهي لها القدرة على بعث أي منهم في نفوس البشر بسلاسة ومرونة , إنه شغلها الشاغل ..
وأنت من تحدد كيف ستتشكل الكلمة , كيف ستخرج هذه المقطوعة الموسيقية ؟ , هل ستخرج على أجمل ما قد سمعته اذنك وتجعلك تتمايل بخفة في طرقات الحياة أم ستخرج كئيبة غير مرتبة أو منظمة ستجعلك تنفر منها وتهرب ؟ , هل ستتشكل لمصلحتك أو ضدك , هل ستستغل تلك الخدمة المجانية في إضفاء حياة لحياتك وحياة من حولك أم ستسلبها من الكون غير مبالياً بمن حولك من بشر قد خالفت توقعاتهم البريئة !
تذكر أن الكلمة لن تعمل من تلقاء نفسها , هي تابعة وخاضعة لأوامرك أنت أيها البشري الذي لا حول له ولا قوة , فلك أن تتخيل أنك من تُساءل عن أستغلالك لها , هل كان على أكمل وجة أم أنك لم تكن واعياً بالقدر الكافي أن تحتمل تلك المسئولية الشاقة الملقاة على عاتقك ..
أستغل تلك الخدمة في إحياء الكون مرة أخرى , أستغلها في بعث معاني الحياة داخل مدارك ونفوس البشر , أنها الصوت الآخر لنا وبدونه لن نجد منفع لصوتنا المسموع , بدون الكلمة لن تسمع لبشري صوتاً يندفع منه , أنها هي الدافع من خروج ذلك الصوت وتحرك أوتاره , فلا تجعل صوتك ينطق بكلمات ليس لها معنى أو حياة , في هذه الحالة ستحدث إزعاج لهدوء أوتار صوتك وتجعلها تعمل في غير جدوى .. أجعل عزفها يتغنى عليه النفوس وتتهافت عليه المسامع , أجعل عزفها يبعث لحياتك المعنى ..