أبدأ مقال اليوم بالمثل المعروف الذي يقول .. " كل إناء بما فيه ينضح " .. ومعناه أنه كل ما يخرج منك من تصرفات و كلمات و أقوال ماهو إلا انعكاس لما يوجد داخلك من أفكار و معتقدات و قيم .. فالإناء لايمكن أن يصب لك إلا ما قد ملأته به .. فأنا و أنت و كل فرد في المجتمع مسؤول عن كل ما يصدر منا من أفعال و أقوال ..
هذه المسؤولية هي أكثر شيء أكد عليه الاسلام و للأسف هي أكثر شيء مفقود في مجتمعنا ..
تجد أن الواحد يحدد معك موعدا ثم لا يأتي إلا بعد الموعد بربع ساعة أو نصف ساعة .. و المشكل هو أن هذا الأمر أصبح شيء عادي و متفق عليه في ثقافتنا كمغاربة أو كعرب .. حيث بعد الاتفاق على موعد ما مثلا السابعة أصبح من المتداول المصطلح التالي كتأكيد على الموعد فتقول له " السابعة المغربية أم الأوروبية " بمعنى السابعة المغربية تساوي في الزمن الحقيقي السابعة و الربع أو السابعة و النصف أما السابعة الأوروبية هي السابعة تماما بالدقيقة :(
وهذا التأخر في المواعيد ما هو إلا إنعكاس لتأخرنا في ميادين أخرى كالعلم و الصناعة و السياسة و الاقتصاد و الأخلاق ..
أكثر ما نحتاجه في أمتنا هو حس المسؤولية فيما نفعل و ما نقول .. نعم حتى فيما نقول و هذا من عظمة الإسلام حيث أكد على ذلك في عدة مواقف أخص بالذكر منها آية من القرآن و حديثا نبويا شريف ..فأما الآية .. قوله تعالى : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ ق : 17 - 18 ] وأما الحديث .. فمن حديث معاذ بن جبل ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا معاذ ثكلتك أمك وهل تقول شيئا إلا وهو لك أو عليك ..
نعم هكذا قام النبي بترسيخ قيم الشخصية القوية التي تحترم ذاتها و تحترم الآخر .. في كل شيء حتى في الكلمة و منه قوله صلى الله عليه : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه" .. انظر كيف قرن الإيمان الحق بالتحكم في النفس و ذلك بأن تقول خيرا أو تصمت و كذلك قرنه بالفعل الذي يتعدى الفرد و ذلك باكرام الجار و الضيف ..
وقد روى الطبراني من حديث أسود بن أصرم المحاربي ، قال : قلت : يا رسول الله أوصني ، قال : " هل تملك لسانك ؟ " قلت : ما أملك إذا لم أملك لساني ؟ قال : " فهل تملك يدك ؟ " قلت : فما أملك إذا لم أملك يدي ؟ قال : " فلا تقل بلسانك إلا معروفا ، ولا تبسط يدك إلا إلى خير " .
و تقول الأم تيريزا
الكلمات الطيبة و الرقيقة قصيرة و سهلة النطق .. لكن صداها حقا ليس له نهاية ..
و في نفس المعنى تجد حديث الرسول يقول
كما في " المسند " عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه
وأفضل ما يختم به هو كلام الله تعالى حيث قال
"يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يشاء" ابراهيم - الآية27
و قال سبحانه و تعالى
{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ _ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج 24 : 23]
جعلني الله و إياكم ممن ثبتهم الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا و الآخرة و ممن هداهم إلى الطيب من القول و هدوا إلى صراط الحميد
آمين
#أيوب_الغازي
#مركز_الحكمة
إذا أعجبك المقال يمكنك مشاركته
-
أيوب الغازيانسان محب للحياة .. أؤمن بمقولة داروين أن سر البقاء ليس القوة و لا الذكاء و لكن هو قدرتك على التكيف ..