إن تطور العلوم الحديثة في جميع المجالات في عصرنا الحديث قائم على مبدأ التجربة و انتقاء الصواب من الخطأ ..

كل واحد يريد تطوير حياته اقول له إن لديك كل ما تحتاجه لتحقيق ذلك ..

إن التجارب التي مرت بك منذ ولادتك إلى يومنا هذا لكفيلة بتعليمك كل المهارات اللازمة لتصل لما تريد .. و لكن لماذا لم يحدث ذلك ؟

1 السبب الأول هو طريقة تفكيرك : الأفكار هي منبع الأفعال و بالأفعال تحدث النتائج ..

لكل واحد منا طريقة تفكير معينة و مختلفة نوعا ما عن الآخرين .. و طريقة تفكيرك هذه راجعة لبرمجة خضعت لها منذ ولادتك .. حيث كنت عبارة عن جهاز متلقي لا يتفاعل و لا يختار ما يلتقط بل يلتقط كل ما تم تلقينه إياه .. و في هذه الفترة خصوصا 6 سنوات الأولى يتم تتبيث البرنامج العقلي الذي ستعتمد عليه طيلة بقية حياتك مالم تتوقف يوما ما مع نفسك لتراجعه و تقوم بالتعديلات المناسبة التي تسمح لك بالحفاظ على مبدأ التطوير و التحسين المستمر في طريقة تفكيرك ..

يقول إنشتاين :

” لا يمكننا حل المشاكل بإستعمال نفس طريقة التفكير التي بواسطتها خلقنا المشكلة “

فعقولنا هي محصورة بما فيها من أفكار و لا يمكنها تجاوز ذلك أبدا ما دمنا لا نعمل على تطوير ما تحتويه من أفكار ..

2 السبب الثاني في نظري هو تركيزك

إن تركيز معظم الناس يكون في غالب الأوقات على ما لا يريدون و ليس على ما يريدون ..

في شريط وثائقي عن " ماريا مونتيسوري " استوقفني موقف حدث لها و كان سببا في استمرارها في الدراسة بكلية الطب بالرغم من المضايقات و الاستهزاء التي تتعرض لها يوميا لأن في ذلك الوقت كان من العيب أن تدرس فتاة في الجامعة في أوربا .. فتروي أنه في يوم بلغ بها الحزن و الأسى حدا لا يطاق حتى أنها قررت ترك الجامعة .. في ذلك اليوم و هي تتمشى في المدينة رأت طفلا حافي القدمين و ملابسه ممزقة و متسخة يعاني من الفقر و البؤس الشديد لكنه كان مؤخودا بشريط أحمر يمسكه بيده و يلعب به .. ذلك الطفل كان يعيش في سعادة حقيقية بالرغم من كل مظاهر البؤس الذي تحيط به ..

هذا المشهد أثر فيها كثيرا .. أدهشها ان تركيز ذلك الطفل على شريطه الأحمر جعله ينسى كل المعاناة التي تحيط به .. فعادت للدراسة و كان ردها بعد ذلك على من يضايقونها و يسخرو منها " كلما زادت سخريتكم و تفاخركم كلما زاد اصراري على الاستمرار " فكانت النتيجة أنها أول طبيبة في إيطاليا في ذلك الوقت

3 السبب الثالث هو الخوف من الخطأ

يقول إنشتاين ” اي شخص لم يرتكب اي خطأ , لم يجرب أي شيء جديد "

الخوف من أقوى العوائق التي تمنعك من تحقيق ما تريد .. يوجد شخص واحد فقط هو الذي لم يخطأ في حياته .. إنه ذلك الشخص الذي لا يعمل شيئا .. فإذا كنت تخاف من الخطأ فعليك ألا تعمل أي شيء و هكذا فإنك ستضمن أنك لن تخطئ أبدا .. و لكن أبشرك كذلك أنه بدون عمل فإنك لن تحصل على شيء ..

إعلم أنه في هذه الحياة لا يوجد شيء إسمه فشل بل هناك تجارب و نتائج .. فإن كانت نتائجك غير مطابقة لتوقعاتك فهذا لا يعني أنك فشلت و لكن يعني أن طريقتك السابقة تحتاج إلى تعديل أو تغيير و دورك هو البحث عن طريقة اخرى تمكنك من الوصول لما تريد ..

4 السبب الرابع تقدير الذات و الثقة بالنفس

إن التغيير الحقيقي و الأساسي و الأصعب .. هو الذي يبدأ من الداخل ..

نظرتك لنفسك و تقديرك لها و ثقتك بها هي أمور يجب على كل واحد أن يعمل عليها و يطورها بالاستمرار .. فلا شيئ يلازمك في كل وقت و حين اكثر من نفسك .. لهذا عليك أن تسأل كيف حالك مع نفسك و مدى رضاك عنها و كم تقدرها و هل حقا تثق بها .. في إجابتك حاول أن تكون موضوعيا عادلا فلا تكذب على نفسك فتعطيها أكثر من قيمتها و كذلك لا تحقرها و تبخس حقها .. كن عادلا معها و اعمل على تطويرها

5 السبب الخامس هو التطبيق

العديد من الناس يعرفون ماذا يريدون و كيف يحصلون عليه .. فتجدهم يضعون برامج و خطط و لكن لا يطبقون ..

التطبيق يحتاج إلى إرادة قوية .. و الإرادة تحتاج إلى شحن و شحذ لتبقى مشتعلة باستمرار .. فقوة الإرادة و استمرارها هو ما يميز جميع الناجحين في كل المجالات .. لهذا أنصح بأن تحرص جيدا على صداقاتك و مع من تقضي معظم وقتك .. فالدراسات بينت أنك تصبح كما الخمس الأشخاص الذين تقضي معهم معظم وقتك ..

و من هنا أفهم جيدا قوله تعالى في سورة الكهف " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا - الآية 28 -

إن تأثير المحيطين بك هو تأثير موجود و لا يمكن تجاهله لذلك عليك أن تكون واعيا بهذه المسألة و أن تتجنب السلبيين و المثبطين و المحبطين و سراق الأحلام في محيطك و أن تبتعد عنهم قدر المستطاع لأن لهم قدرة عجيبة على إطفاء شعلة الرغبة في التغيير التي بداخلك و بالتالي دفعك للتوقف عن التطبيق

هذه المبادئ الخمسة تحتاج من كل واحد منا القراءة اكثر من مرة لكي ترسخ في أذهاننا و نستحضرها بشكل تلقائي .. و هكذا نحرص على تطبيقها فيصبح تحقيق التغيير الذي نريده شيئا ممكنا