أ لِحياتك معنى؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أ لِحياتك معنى؟

تعالوا نتلمّس أسباب السعادة

  نشر في 06 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

دعني أسألك صديقي: هل شعرت مرّةً بالكآبة إلى الحد الذي اعتقدت معه أنك وضيعٌ عديم القيمة؟

إن حصل لك ذلك مؤخراً حتى اعتقدت أنك أكثر مَن على الأرض بؤساً، فاعلم أنه ما من فردٍ على الأرض إلا شاطرك هذا الإحساس يوماً ما في حياته. ولا تكمن المشكلة في مداهمات عابرة لهذا الشعور، بل تكمن حين يترسّخ الإحساس بالكآبة في وجدان أحدنا فترةً طويلة حتى يحيل حياتنا إلى جحيم.

وإذا كان الألم بأنواعه هو أول أسباب الكآبة، فإن الجري اللاهث وراء الملذّات أو الأنانية هو ثانيهما. أكثر الناس يعتقدون أن غاية الحياة تكمن في السعادة. ولا نبلغ السعادة إلا بتحقيق النجاحات: أحسن الدرجات، أفضل عمل، أمثل زواج، أجمل بيت ... إلخ. لكن، ألا ترى صديقي أن الرّكض وراء النجاحات لا يعطينا غير القلق والكآبة؟ فرغم تحسن ظروفنا المعيشية أضعافاً مضاعفة، فإن المقبلين على الانتحار في ازدياد مضطرد!

حين تظن أن الحياة تفقد معناها إذا لم تبلغ فيها ذروة سعادتك، فإنك ترهن مفهومك للحياة بسعادتك الشخصية. لا تطلب الكمال فيها ولا تجعل السعادة غايتك، بل اجعلها وسيلتك. عش السعادة داخلك ولا تنتظرها. الحياة لا تثرى بعدد المرات التي تبلغ فيها النشوة خلال اليوم، بل بما تقوم به. حين تكفّ عن تعريف السعادة بأنها بلوغ النشوة، وأنها تتوقف على مشاعرك الشخصية، فإنك تسعى للبحث عن معنى أكثر نبلاً لحياتك. تبحث عن أعمال مفيدة تسمو بها فوق الأنا.

الهدف: 

حياةٌ خاليةٌ من الأهداف حياةٌ فارغة. لا أتحدث عن الشهرة أو المركز ولا عن الشهادة. بل أن يكون هدفك أبعد وأكثر سمواً. حين تصبح غايتك استثمار ما تملك من طاقات من أجل إسعاد الآخرين، فإنك تسمو بكيانك من حالة الوجود الحيواني اللاهث وراء نشواته إلى حالة الوجود الإنساني الهادف إلى سعادة الكون. الإنسان الحقيقي هو من طرد الأنانية من قلبه فراح يأنس بفرح الآخرين وراحتهم.

الانتماء:

"هل أنا محبوب؟ هل أنا مرغوب؟" لا شك أنّك تشعر بالأسى حين تجد فؤادك فارغاً. يصبح التأكد من قيمتك في عيون الآخرين هاجساً، فتبدأ باستفزازهم من حيث لا تدري. لكن هل هناك بديل أفضل؟ نعم. أن تعطيهم الحب. جرّب أن تقول لهم إنك تحبّهم، أو أرِهم اهتمامك. أعطهم التشجيع وتجنب نقدهم. ادفعهم إلى التطور ولا تكن بارداً سلبياً حيالهم. افسح لهم المجال ليبادلوك مشاعرهم. لا تضع الحواجز بحجة حماية كبريائك، فتبادل الحب أهم بكثير. الحب عطاءٌ قبل أن يكون تحصيلاً.

النشوة:

وماذا عنك؟ تخلصتَ من ربط السعادة بأحاسيسك الشخصية وربطتها بسعادة الآخرين، ثم أعطيتهم حبك من قبل أن تنال منهم شيئاً، ألا يحق لك أن تبحث عن النشوة أيضا؟ بالطبع. قد تصل إلى النشوة بممارسة الرياضة أو العبادة، أو بالمشي وسط الطبيعة، أو بالقراءة أو الكتابة، أو حين تكلّم بعض الأعزاء. النشوة حالةٌ مريحة تعطينا لذّة الطمأنينة الداخلية حين نحتاجها. غير أنّ أجمل ألوان النشوة هو ما استطعت أن تمدّ به جسور التواصل مع الآخرين. كالرسم أو الكتابة أو محادثة الناس في موضوع هادف.

العرفان:

بعد الوصفة الثلاثية أعلاه، بقي أن نحصّن أنفسنا من الوقائع: الطريقة التي نتحدث بها مع أنفسنا ومع الآخرين. هناك من يميل إلى الشكوى من الظروف والأحداث، وهناك من يرى الحياة تحلو بتقلّباتها. ومع قلّة هؤلاء فإنهم فهموها أكثر من غيرهم، وعرفوا كيف يزيّنوها في عيونهم لتحلو في عيون الآخرين. عرفوا كيف يحافظون على الابتسامة على وجوههم مهما كانت قلوبهم مدماة. عرفوا كيف يتلذّذون بالنزر اليسير ويرونه خيراً كثيرا. الحمد، العرفان، الرضا، وسائل كفيلةً بملازمة النفس للطمأنينة. كن راضياً شكوراً تغمرك واسع البركة.

العبثية، العزلة، الركود، والنظرة السلبية: كفيلة بتحويل حياة أكثر الناس نعمةً على وجه الأرض إلى جحيم. الهدف، الانتماء، النشوة، العرفان، هي أدواتنا التي نقاوم بها ركود الحياة وأحزانها. فلنتذكّرها دائماً كي نحمي أنفسنا، وكي نسموا بحياتنا ونعطيها أجمل معنى. 


  • 14

  • أقباس فخري
    لا أكتب للناس بل أكتب لذاتي. أحاول العثور على نفسي حين أكتب. لعلّي ألملم شتاتها المبعثرة فأجمعها، أو عساني أعيد تكويني.
   نشر في 06 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

محمود حافظ منذ 6 سنة
مقال جميل و ان كنت أرى السعاده لا يمكن أن تكون و سيله بل هى غايه و لكن بلوغ الكمال و الشعور بالسعاده يحتاج الى أن تشعر بالأخرين فى الخير و الشر ان تساعد الناس السعاده نجدها فى الايثار و عدم الأنانيه السعاده فى عمل الاشياء اللى بنحبها و فى راحة البال و الرضا ... انا عندى مقالات كتير ان شاء الله افيدك فيها بمعنى السعاده و طرق الوصول اليها لم أنشرها هنا بعد.. تحياتى على اسلوبك الرائع و كلماتك الرشيقه.
1
Ahmed Tolba منذ 6 سنة
هل شعرت مرّةً بالكآبة إلى الحد الذي اعتقدت معه أنك وضيعٌ عديم القيمة؟
نعم
2
أقباس فخري
صدقني صديقي أحمد، ما من أحد إلا ومرّ بهكذا أوقات. كلنا نمرّ بأوقات من الضعف والشعور بالعجز, الأصدقاء والأهل قد يكونوا عاملاً مساعدا لتخطي هذه المراحل لكن العامل الأساسي هو تغيير الضحية طريقة التفكيرـ وتوظيف مشاعر الاحباط للانتفاظ وإعادة التفكير والتغيير بدل الاستسلام لها.
شكرا لمساهمتك الحلوة.
Ahmed Tolba
العفو أخي الفاضل
Salsabil Djaou منذ 6 سنة
مقال رائع بكل ابعاد الكلمة بالتوفيق
1
أقباس فخري
أسعدني أنه نال استحسانك. آمل أن تبقى كتاباتي عند حسن ظنك.
Abdou Abdelgawad منذ 7 سنة
اضافة رائعة معتادة من كاتب يجيد استعمال كلماته واختيار موضوعاته احسنت صديقي فيجب ان نبحث عن السعادة داخلنا ونسعد من حولنا فنسعد والقناعة والرضا بما قسم الله لنا تفتح الطريق الرحب للسعادة تحياتي اليك
1
أقباس فخري
كلماتك هي التي أسعدتني أستاذي عبد الجواد. سعدت بحلو مشاركتك، وآمل أن أبقى عند حسن ظنك.
creator writer منذ 7 سنة
تذكرت مقولة للكاتب ليوتولستوي {إن الانسان هو الذي يرى الأشياء كما يريد فالأشياء تبدو قبيحة أو جميلة رهناً بوجهة نظر المتأمل ، ذلك يعني أن الجمال ليس القائم خارج ذات الانسان ، و لكن الجمال الحقيقي هو الموجود في داخل الروح الانسانية.}
و هذا سبب كافي لشعورنا بالسعادة مهما كانت ظروف الحياة صعبة أو قاسية .
3
أقباس فخري
العاقل من يصنع نفسه ولا يتركها ريشة في مهبّ الريح تتلاعب بها أهواء الآخرين وظروف الحياة. والعاقل من يصنع سعادته بنفسه ولا ينتظرها من أحد ولا يلتمسها من ظروفه أو محيطه.
وشكرا لك بُنيتي "القارئة النهمة" على المداخلة التي أغنت الموضوع.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا