كانت سندريلا فتاة رائعة الجمال, و الى جانب جمال وجهها، لديها اخلاق قديسة ! فقد تحملت ظلم اخواتها و زوجة أبيها لسنوات، حتى اتت الساحرة في اخر المطاف و انتشلتها من تلك الحياة البائسة لتتزوج الامير و تعيش بسعادة، فبعد أن تحملت كونها ضحية لسنوات، اصبحت الان غارقة في السعادة.
و كانت ريمي،التي تم تسويقها لنا على انها فتاة، مشردة، عاشت حياة اطفال الشوارع لسنوات، لتكتشف في النهاية انها ابنة لاسرة غنية و تحظى بالحياة اللتي لطالما تمنتها...دفئ الأسرة و الكثير من المال.
اما فلة، بياض الثلج، فكانت شديدة الجمال، و عانت من رعب زوجة أبيها الشريرة لسنوات ايضا، لكنها تحملت ذلك لتلتقي الاقزام السبعة اللذين يقومون بحمايتها، و في النهاية تتزوج الامير روبرت و تعيش بسعادة.
كل من سندريلا، ريمي، و بياض الثلج عشن دور الضحية، التي تحملت الكثير في حياتها، لقد تحملن كل ما فرضته ظروف الحياة، ما فرضه اليتم، و زوجة الأب الشريرة، و الفقر...و لأنهن تحملن كثيرا، فهن بذلك استحققن في النهاية حياة سعيدة، حياة تنسيهن سنين المعاناة.
هذه هي الفكرة التي حقنت في اوردتنا منذ الصغر، فكرة "استحقاق الضحية"، لا اعلم ان كنا قد حقنا بهذه الفكرة فقط عن طريق القصص الشعبية و افلام الكارتون، ام انها كانت ضمن التلقيحات الواجب اجراؤها عند الولادة فعلا! تلقيحات ضد التمرد على الظروف!
و الان بعد سنوات طويلة من الايمان بأننا نستحق الافضل، و بأنه هناك فرصة عظيمة بانتظارنا...بان مصباح علاء الدين ينتظرنا في مكان ما لنجده و نمسح عليه فيخرج المارد السحري لتحقيق امنياتنا...ماذا حدث ؟ اعثرنا على المصباح ؟ ا اتت الينا الفرصة المنشودة ؟ لا شيء من ذلك حدث. آن الأوان لندرك اذن أن المشكلة تقبع ها هنا...في عقولنا..فكرة "استحقاق الضحية" تنمو في عقولنا، تتغذى على الافلام و المسلسلات و على القصص الخيالية، و لا يتوانى احد عن توفير غذاءها، لأنهم يريدون لها العيش هناك الى أن ينهش الدود جماجمنا.
و لكن، لا ياس مع المحاولة، نستطيع اقتلاع هذه الفكرة من جذورها المتشعبة داخل ادمغتنا...وجب علينا اولا التفريق بين امرين، بين عبارتين، و بين طرفين يشكلان ابطال كل مشكلة تواجهنا في حياتنا اليومية...هذان الطرفان هما : "الملام" و "المسؤول". عندما تتاخر عن احدى مواعيدك المهمة، يمكنك ان تلوم الباص و خطوط النقل و حتى الحكومة و العقليات المتخلفة التي لا تعطي أدنى اعتبار للوقت، و لكنك ستظل المسؤول، اجل انت المسؤول عن تاخرك، و لتتحمل هذه المسؤولية يكفي ان تعتذر و تخرج بنصف ساعة مبكرا المرة القادمة. عندما يتوفى والدك الذي كان يعيل الاسرة اثناء عملية جراحية، فلتلم الاطباء اللذين لا يؤدون واجبهم على اكمل وجه، فلتلم المستوى الطبي في بلدنا و وزير الصحة...و لكن ما ستفعله بعد ذلك، كيف سيكون رد فعلك ؟...كل ذلك مسؤوليتك، فاما ان تظل هناك عند الركن تلوم الظروف و بجوارك علبة مناديل ورقية ، و اما أن تنهض لتساعد اسرتك لتقف على قدميها من جديد. دائما هناك خيار اخر، ووجود هذه القدرة على الاختيار هو ما يجعلنا مسؤولين...فمهما كانت الظروف، انت مسؤول عن موقفك من هذه الظروف، انت مسؤول عندما يتعلق الامر بماذا ستفعل بعد ذلك؟ كيف ستواجه مشكلتك ؟
ان اعتقاد الناس بأن الكلمة الأخيرة للظروف، و بأنهم لا يستطيعون فعل شيء، و ان مشكلتهم صعبة لدرجة أن أيديهم بل و عقولهم مكبلة و أنهم عاجزون امامها هو ما يجعلهم ينتظرون الحل من الخارج. و بما انه لا وجود للساحرة اللتي حولت سندريلا الفقيرة الى أميرة و لا لمصباح علاء الدين الذي تكفينا مسحة عليه ليظهر المارد و يحل مشكلتنا...لانه لا وجود للكائنات الخرافية في واقعنا، فنحن ننتظر هذا الحل من الاخرين. ننتظر من الاخرين ان يجعلونا سعداء، و يساعدونا كلما احتجنا لهم. و ما لا تنتبه له...اليس "هم" مجرد شكل اخر ل "نحن"، الا يحق لهم ايضا ان يرفعوا توقعاتهم بشان الاخرين اللذين هم "نحن" ؟
لا تتوقع من الاخرين ما لا تستطيع تقديمه لنفسك، احب نفسك اولا، تصالح مع نفسك اولا، و قبل ان تتوقع من الاخرين...توقع من نفسك اولا.
-
بشرىالاسم : بشرى السن : 23 سنة العمل : مهندسة
التعليقات
التفاؤل ، النصيحة ، التغيير ، التوكل و الابتعاد عن التواكل ..
لا تنتظر أي شيء من أحدا ..
زمن المعجزات قد إنتهى كن انت معجزة نفسك
ابدعت حقا ..واصلي
تحياتي ولمزيد من التوفيق
من رسوم متحركة او كرتونية لأطفالنا ، من يمكنه ان يملك فضائيات وبث ما يرضي الله مثلا ، من بالاصل يتحكم بالاقمار الصناعية التي تبث علينا وتنشر لنا .