"نحن هنا لكي نضع بصمتنا في هذا الكون، وإلا ما فائدة مجيئنا إليه"

تلك المقولة لستيف جوبز عليها أن تكون منطلقا من أهم منطلقاتك في الحياة، "ضع بصمتك" كما يقول الداعية محمد العريفي، لا يحتاج منا منصبا مرموقا ونفوذا قويا، فقد تتمكن من وضع بصمتك من خلال مهام يزاولها الملايين عبر العالم، كل ما يلزمك هو أن تضفي على مهمتك ووظيفتك تلك هدفا نبيلا ورسالة قيمة.

متى تفعل ذلك وما هو الوقت المناسب لإجراء هذا الإصلاح في حياتك؟ إنه اليوم طبعا، بل إنه الآن، وفيم التسويف والتأخير؟ ألا يكفيك ما مر من عمرك من دون أهداف ولا وجهة؟

اعمل على أن تعيش كل لحظة تزاد في عمرك بترديد ذكر أو صنع معروف، بإرشاد تائه أو الأخذ بيد ضرير، وأبواب البر لا تعد ولا تحصى، قال عليه الصلاة والسلام: "كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة" (متفق عليه)، وفِي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام: "البر حسن الخلق" (مسلم)، وهذا الحديث كما يقول علماؤنا من جوامع كلم المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، فلقد جمع في ثلاث مفردات فقط جل معاني البر وأعظمها؛ فالبر أن تتعامل مع الله بخلق حسن، وأن تعامل الناس بخلق حسن، وأن تعامل نفسك أيضا بخلق حسن.

وهكذا يعلمنا حبيبنا المصطفى صلوات الله وسلامه عليه كيف يكون لحياتنا معنى وجدوى، وكيف نحيى حياة يملؤها البر والإحسان.

ما يحول بينك وبين أن تجعل حياتك مختلفة:

هناك عدة عوائق يمكن أن تحول بيننا وبين أن نجعل حياتنا مختلفة، ولكن أخطرها عائيقان اثنان:

الأول: نظرتنا إلى أنفسنا بشيء من الدونية والاستخفاف، والاعتقاد بأننا لا يمكن أن نقوم بأمر يترك أثرا في حياتنا وفِي حياة الآخرين، وأنه ليس هناك من يشعر بوجودنا ولا مجهودنا.

والثاني: الاعتقاد بأن الأمور العظيمة ظهرت هكذا مرت واحدة، وجهلنا بأن أصحابها بنوها وشيدوا صروحها لبنة لبنة، ونحسب أنهم واتتهم الفرص وانحازت لهم الظروف حتى استطاعوا نيل ما نالوا من أمجاد.

ثلاث خطوات لتبدل مجرى حياتك:

لن أتشعب بك أخي القارئ في بيان الأسباب النفسية والعوامل الاجتماعية التي أفرزت لنا مثل هاته العقليات والنفسيات، ولن أخوض بك في غمار النظريات والمناهج التي حاولت إيجاد علاج لهاته الآفات، بل سأقف بك على حديث واحد يقول فيه المصطفى صلوات وبي وسلامه عليه: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" (مسلم)، إنها ثلاث كلمات لو تمثلتها ستبدل وجه حياتك إلى الأبد:

• احرص على ما ينفعك، ولا تضع وقتك فيما لا طائل من ورائه.

• استعن بالله وتوكل عليه في طلبك لما فيه نفعك وفِي قيامك به.

• تجنب العجز والكسل، ولا تركن لهوى النفس وحبها للراحة والدعة.

احرص على ما ينفعك وينفع غيرك، وعش حياتك كالشمس تنير للآخرين طريقهم، وتعين الكادحين في الوصول إلى متمنياتهم، حتى إذا فارقت الحياة وغيبت عن سمائهم افتقدوك، وودعوك بالدعاء والثناء الحسن:

{وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا} [المزمل: 20].