الايام اصبحت متشابهة ..و كأن هناك طابعة كبيرة .. مخبأة بزاوية ما من هذا البلد ...
ها انا هنا مجددا اجلس على نفس الكرسي .. و احتسي كوبا من القهوة الساخنة .. بنفس الطعم .. و في الكوب ذاته .. مع مكعبين من السكر كألعادة
مر يومين ..بل اسبوع ..بل .. اسبوعين .. بل شهر او شهرين ..
و ها انا بنفس المكان .. لم يتغير شيء .. .. ارى كل الاشياء من حولي و لا استطيع رؤية شيء .. او فهم ما يحدث من حولي
.او حقا انا لم اعد أبالي بشيء او احاول ان افهم ما سر كل هذه الضوضاء .. او اتساءل ياترى ما قصة تلك العجوز الشمطاء ..............
فقط ابقى احدق في عمق كل شيء .. بعينين مفتوحتين ..بقلب بارد .. وعقل مغلق .. منذ زمن بعيد .
عقل لم تعد تفتح شهيته معادلات الرياضيات
.. قلب لم يعد يابه بخطوات حبيبته حين تمر بجانب منزله كل مساء
..و عيون لم تعد تغريها الالوان و لا اقواس المطر و لا لوحات رسمها اشهر فنان ..
عيون لم يعد يبهرها جمال الفتيات ..لم يعد يدهشها الارتفاع .. ولا شساعة المساحات .. و لا فخامة تلك السيارات .. عيون اصبحت تفعل زر اللامبالاة.. و صارت تحب قراءة روايات بلا نهايات .. ..
عيون لم تعد تعرف سوى الابيض و الاسود من بين كل الالوان ..
هكذا هي ايامي ابيض و اسود.. نور و ظلام .. قهوة و مكعبات من السكر ...
افكار ....كلمات... و حروف مبعثرة فوق طاولة النسيان ....
لا ادري لماذا صرت احتسي القهوة الساخنة .. .. اظن انني كنت احاول ان اغرقها بداخلي .. و لكني وجدت نفسي أغرق شيئا فشيئا بداخلها
اغرق بافكاري .. بثيابي .. بحروفي .. باقلامي .. باوراقي .. حتى احلامي لم تنجو هي بدورها ...
بقيت هناك تائها مشتتا مبعثرا وسط كل ذلك الظلام .. وسط كل ذلك السواد ..ادور في تلك الدوامة التي احدثتها ملعقة الحياة ..
كنت اقسى من مكعبات السكر التي ذابت و تلاشت فور سقوطها بدوامة الزمن
.. كنت اقسى من ذلك الفنجان الذي احتوانا ...
كنت اقسى من الملعقة التي شكلت الدوامة .. كنت اقوى من ان استسلم و ارفع الراية هناك ....
فمن حقنا ان نحاول ..من حقنا ان نعلو و نرتفع .. كما من حقنا ان نسقط و نغرق ..
كنت اقوى من كل شيء هناك .. فكبريائي كان يهمس باذني كل لحظة .. و يقول .. انت اقوى من هذا ..
رغم اني كنت اغرق وانزل رويدا رويدا .. و اقترب شيئا فشيئا من القاع ..
الى ان كبريائي كان يقول لم يبقى الكثير على بلوغنا السطح ..
فقدت اخر انفاسي التي احتفظت بها طويلا .. و استلقيت بهدوء .. بعيدا هناك في القاع .. بعيدا عن كل شيء .. و تخليت عن كبريائي ..وتركته يسبح لوحده بالسطح ..
نعم اخترت الهدوء .. و الوحدة ..
و تخليت عن كبريائي..
فالسطح صار مزدحما ..
-
Abdelghani moussaouiأنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي
التعليقات
اصبت جدا في توصيف حالة تحدث لنا بعض اللحظات ...
دام قلمك المتألق....اخي الكريم