آلام دافعة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

آلام دافعة

نموذج لأديبين: فرناندو بيسوا وفرجينيا وولف.

  نشر في 20 يناير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

الألم..ذلك المارد الذي قد يدفعنا إلى الموت.. هو نفسه قد يدفعنا إلى الحياة..لكن كيف يتم استعمال الألم عند البعض كقوة دافعة إلى الصعود، بينما يجر البعض الآخر إلى قعر الهاوية؟

إنها نفوسنا التي تختلف في تعاطيها مع الألم..قوتنا الداخلية! ذلك الشيء الذي إذا أراد تحريك جبل فعل! وإذا اعتراه العجز بات غير قادر على تحريك قشة.

عبر التاريخ مر أدباء تركوا بصماتهم..كان الألم محرك إبداع لدى  أغلبهم.. وعلى اختلاف أشكاله و مصادره، كان الألم وقود أقلامهم..

اللاطمأنينة 
هذا ما كتبه فرناندو بيسوا عن كتابه الخالد "اللاطمأنينة" الكتاب الذي أبدع فيه وكشف عن يوميات من الألم النفسي الذي لازمه حتى الموت..كان أنينا خاصا يقبع في صندوق على شكل كتابات كثيرة متفرقة تشبه اليوميات، لم تنشر في حياته لأنه كتبها لنفسه فقط، كنوع من التفريغ لشحنات الألم وعذابات الوهم وهربا إلى كنه روح حالمة .
اللاطمأنينة 
ويبدو أن تيمة الألم والتيه لازمت بيسوا في كثير من نثره وشعره. .
هكذا استطاع بيسوا بدافع  الألم أن يغوص في ذاته ويكتب بصدق بالغ كلمات مبهرة تصف وجدانه،و أن يمسك باللحظات الشعورية، ليمعن التفكير فيها، ويقلبها من كل الجوانب فيرسمها على شكل لوحة مختلفة الأبعاد..
يوميات

استطاع فرناندو بيسوا بحسه الموغل في الرهافة وبانعزاله عن الناس وتجرده من المبالغات الاجتماعية في المجاملات -التي تصل حد النفاق أحيانا كثيرة- وبانغماسه في ذاته وعيشه معها في ساعات الوحدة العميقة، استطاع أن يكون رؤية فردية متميزة، وأن ينسج من كل لحظة شعورية رداء من التحليل المبهر والتشريح المدهش ،وبذلك جعل من كل إحساس لوحة فنية يطبعها بأسلوبه الخاص، فكان بذلك ظاهرة في الأدب العالمي والإنساني. 

هذا ما قالته فرجينيا وولف متحدثة عن تجربة الموت.. الكاتبة صاحبة النبوغ الأدبي التي أبدعت في "الأمواج"، "السيدة دالاوي" وكتابات أخرى، عانت من نوبات ألم نفسي كانت تدفع بها إلى الجنون  المتكرر..
كانت أغلب كتابات وولف ترجمة لذلك الألم ونقلا لمعاناتها ومعاناة العديد من أبناء جيلها الذين عايشوا أسوء فترة في ذلك التاريخ فترة الحرب العالمية.
وفي رسالة لزوجها قبل الإنتحار كتبت :
كانت صورة عن المرأة الرقيقة المشاعر، المفرطة الحساسية ،التي تتعاطى مع آلام الناس بعمق وظهر ذلك جليا  في كتاباتها..فمن الصعب أن نصف مشاعر الألم بصدق ما لم نعشها بالفعل ..
في كتاب الأمواج، و الذي اعتبره النقاد قصيدة شعرية مطولة، نقلت فرجينيا وولف مشاعر الشخصيات الست بدقة متناهية بحيث تحدثت كل شخصية منهم عن مشاعرها الدفينة وعن آرائها في الحياة والموت والألم بعمق يفوق التصور ..
"في معظم الأحداث التاريخية كان المجهول امرأة." تقول فرجينيا وولف في رواية "غرفة تخص المرء وحده" وكانت المرأة التي أرغمت أنامل التاريخ على خط اسمها في صفحات منه؛ اعترافا بريادتها وتجديدها في مجال الأدب الإنجليزي والعالمي.. 



  • 16

   نشر في 20 يناير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Dallash منذ 3 سنة
رائع..فعلا مقال ارفع له القبعة احتراما ..زادك الله من فضله
2
عائشة إبراهيم
كل الشكر والتقدير
احسنت اختي الفاضلة المحترمة
2
شاعر النيل منذ 4 سنة
وهذا يدل على الكثير من المنطق نعم اقول ذلك
وكما ان العزلة تجعل من الانسان اكثر تعمقا ولا سيما فى مشاعره واحاسيسه
لإن المخالطة للكثير من اهل التطفل تجعل الانسان باردا ومتطفلا مثلهم
يبحث الانسان عن فلسفة لنفسه اذا كان منهجيا وسويا فى افكاره المجتمعيه والحسيه
احسنتى القول
دام الفهم شكرا ع.د
1
عائشة إبراهيم
بوركت أستاذ جمال طارق عرفه .
شاعر النيل
شكرا لحضرتك
ward ward منذ 5 سنة
جميل
4
شعرت لوهله اني سأبكي من هول الوصف العجيب للوحده والألم وغطرسة الإكتئاب بين ثنايا طرحك ، مؤلم ولا أحد يستطيع وصف هذه المشاعر ، أعجبني بشدة وراق لي ولو كان مقالك أطول قليلاً لذرفت مدامعي لا أعلم لما لكني اختنقت قليلاً وشعرت بوحشة لوهلة ، اتمنى أن نكون ممن يستعمل هذه المشاعر للنهوض لا للسقوط ، دمتــ/ي ودام قلمك ..
4
عائشة إبراهيم
لايفوتني أن أشكرك على قراءة المقال -إن صح أن نسميه مقالا- ثم على الكلمات التي لمست فيها تأثرا إنسانيا صادقا ..ومازلت أقول أن أجمل شيء في الكتابة هو ما تحركه فينا من مشاعر تعلن أننا على قيد الحياة لم نزل .. أما في ما يخص الألم الذي يصيبنا جراء القراءة لتجارب كتاب عرفوا كيف يصفون لواعجهم بأجمل ما يكون من معان ، فأسوق ما قالته لويز غليك -على ما أذكر- : "ثمة دائما ما يمكن صنعه من الألم" .
Salsabil Djaou منذ 5 سنة
سعدت بقراءة هذا المقال الجميل ، اختيارك للفقرات و تعبيرك عنها عميق و رائع ، دام قلمك أختي.
3
عائشة إبراهيم
لايستطيع الوصول إلى عمق المعاني إلا متمرس في الغوص فيها ولاتنكشف درر الكلمات إلا للقارئ المتمكن. .ممتنة لكل حرف جدت به أيتها الغالية.
اولا .. تحية وتقدير لكى ايتها الاخت العزيزة
(ربة البيت) التى لم ( تقترف الكتابة) بل أسعدتنا طريقة كتاباتها.( عائشة.. إن لم اكون أخطأت في الاسم ).
ثانيا .. مقالك ملهم كثيرا ... فالحديث عن فلسفة الألم والتعامل معه بحكمة يصعب على الكثير تناوله .. لكنك أبدعت.. دام ابداعك
1
عائشة إبراهيم
سعيدة بمرورك أخي ابراهيم محروس واشكرك جزيل الشكر على رأيك و لقراءتك القيمة ..يسرني تفاعلكم مع ما أكتبه.. تقبل احترامي وتقديري .
رولا العمر منذ 5 سنة
للألم فلسفة خاصة به وحده لا يكتشفها الإنسان إلا بالتجربة، والتي تزداد صعوبتها
لو كان المتألم وحيداً، بائساً، مهزوماً حينها سيكون بين خيارين إما الغضب والشكوى أو الإنعتاق والإبداع.
أعجبني كثيراً أسلوبك في الطرح، والترابط والإتساق بين أفكارك والإقتباسات. أيام منزوعة الألم ومليئة بالأمل والحب والإبداع أتمناها لكِ أيتها الرائعة .
3
عائشة إبراهيم
ممتنة لمرورك وما يحمله من إضافة قيمة.. أتمنى لك الهناء والسكينة . .تقبلي خالص مودتي عزيزتي رولا.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا